
في ظل تصاعد الأحداث الدامية في محافظة السويداء، برزت هذه الأزمة كواحدة من أهم القضايا التي تشغل الرأي العام السوري والعربي، طاغية حتى على الأحداث في غزة وأوكرانيا. وفي حوار خاص مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة فيرجن إف إم، قدم الكاتب والصحفي أحمد رفعت يوسف قراءة معمقة لهذه الأزمة متناولاً جذورها المحلية وانعكاساتها الإقليمية.
يرى يوسف أن أحداث السويداء تعكس تعقيداً كبيراً في المشهد السوري العام، حيث تتداخل العوامل الداخلية مع التدخلات الخارجية. فمن ناحية، هناك أزمة ثقة بين أبناء المحافظة والسلطات الحكومية، تتفاقم بسبب الممارسات الأمنية غير المتوازنة وانتشار السلاح بين مختلف الأطراف. ومن ناحية أخرى، تبرز محاولات إسرائيلية واضحة لاستغلال هذه الأزمة لتحقيق مكاسب استراتيجية.
في تحليله للأوضاع في السويداء، يشير يوسف إلى أن 80% من أبناء المحافظة يؤيدون بشكل أساسي عودة سلطة الدولة، لكنهم يعانون من غياب الأمن والعدالة. وهذا ما يفسر حسب رأيه تصاعد العنف رغم الاتفاقات المعلنة بين الأطراف المختلفة. ويؤكد أن حل الأزمة لن يتحقق بمجرد سحب السلاح من طرف واحد، بل يحتاج إلى معالجة شاملة تضمن تطبيق القانون على الجميع بدون استثناء.
على الصعيد الإقليمي، كشف يوسف عن تدخل إسرائيلي مباشر في الأزمة، مستغلاً حالة الفراغ الأمني والانقسامات المحلية. ويحذر من خطورة أي دعوات لطلب حماية دولية، معتبراً أنها تشكل بوابة خطيرة للتدخل الأجنبي في الشؤون السورية. كما يربط يوسف بين أحداث السويداء والصراع الأوسع مع إسرائيل، مؤكداً أن الأخيرة تسعى جاهدة لاستغلال أي نقطة ضعف في سوريا لتحقيق أهدافها.
في السياق الدولي، تناول يوسف زيارة الرئيس السوري لأذربيجان، التي يرى أنها تحمل أبعاداً تتجاوز الإعلان الرسمي عنها. ويشير إلى أن هذه الزيارة تأتي في إطار تحولات جيوسياسية كبرى تشهدها المنطقة، حيث تتراجع أهمية أوروبا لصالح الشرق الأوسط في حسابات القوى الدولية.
ختاماً، أكد يوسف أن حل أزمة السويداء لن يتحقق إلا من خلال معالجة جذرية للأسباب الكامنة وراءها، بدءاً من إعادة بناء الثقة بين المواطنين والدولة، مروراً بتطبيق القانون بشكل عادل على الجميع، ووصولاً إلى مواجهة التدخلات الخارجية التي تستغل الأزمة. ويبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن سوريا من تجاوز هذه المحنة لتعيد بناء وحدتها الوطنية، أم ستظل ساحة للصراعات الداخلية والخارجية؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد إلى حد كبير ملامح المستقبل السوري في المرحلة المقبلة.

