شهدت محافظة اللاذقية خلال الأسابيع الماضية واحدة من أشد موجات الحرائق غاباتها وريفها، وأسفرت عن خسائر بيئية واجتماعية كبيرة. وسط هذا الواقع، عقدت محافظة اللاذقية، اجتماعاً نوعياً مع ممثلي برنامج الأغذية العالمية لدعم سبل العيش في المناطق المتضررة جراء الحرائق الأخيرة.
الاجتماع الذي تم بحضور محافظ اللاذقية محمد عثمان، والدكتور هيثم الأشقر من برنامج الأغذية العالمي (WFP)، ومديري الزراعة والحراج وأملاك الدولة، بحث عدة أولويات، منها مناقشة آليات دعم سبل العيش وإعادة تأهيل المناطق المتضررة. ذلك لتمكين الأهالي من العودة والاستقرار، وتحقيق تنمية مستدامة تعيد الأرض خضراء.
أضرار الحرائق الأخيرة
أدى امتداد النيران في نحو 15 ألف هكتار من الغابات والأراضي الزراعية في حوالى 60 قرية وريف إلى تدمير الغطاء النباتي، بما في ذلك محميات طبيعية وأنواع نادرة من النباتات والحيوانات مثل الأوركيد والدب البني السوري.
كما تأثرت شبكات الكهرباء والمياه والبنية التحتية الأساسية، وتوقفت محطة كهرباء البسيط عن العمل ما أدى إلى انقطاع الكهرباء وخدمات ضخ المياه في المناطق المتضررة.
الخسائر
عانى المزارعون والنحالون من خسائر باهظة، إذ احترقت نحو 70% من مناحل النحل لدى بعض النحالين، بينما فقد الكثيرون أراضيهم المزروعة بالكامل، ما أفقد العائلات مصدر رزقها الوحيد وقدره بملايين الليرات السورية.
وأُجبر مئات السكان على النزوح مرّتين خلال موجات الحرائق المتتالية، ما زاد من معاناتهم الإنسانية وتمزيق نسيجهم الاجتماعي.
جهود الدعم والاستجابة
في استجابة عاجلة، أعلنت وزارة الزراعة إطلاق خطة دعم مزارعي ريف اللاذقية بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي، تشمل تقييماً سريعاً للأضرار، ثم تقديم مساعدات وتعويضات مباشرة بعد الانتهاء من التحديد الميداني.
وقد شارك الدكتور هيثم الأشقر ضمن الزيارة الرسمية لمحافظ اللاذقية، بحضور مدير الزراعة ورؤساء الجهات المعنية، لتنسيق الجهود وتفعيل الدعم الفعلي للمناطق المتضررة.
تمت مناقشة مشاريع “دعم سبل العيش” التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي، مثل توفير البذور الزراعية المقاومة للجفاف، التدريب الفني للمزارعين، وتطوير مشروعات الزراعة المستدامة، جميعها تسهم في تمكين الأهالي من إقامة مصدر دخل دائم وتحقيق الأمن الغذائي كما تُعد هذه المشاريع ركيزة أساسية لإعادة إحياء المناطق الخضراء، واستعادة التوازن البيئي بعد الكارثة.
من خلال تنفيذ برامج مستدامة تعتمد على الشراكة مع الجهات المحلية والدولية، يمكن إعادة بناء قرى مثل قسطل معاف بشكل أفضل من السابق، وتشجيع مشاركة المجتمع المحلي في حماية المحميات الطبيعية وإدارة الغابات بشكل فعّال، هذه الخطوات تحقّق أهدافًا مزدوجة: استعادة الأرض وإعادة الحياة، وتمكين السكان اقتصادياً واجتماعياً.
تنمية مستدامة
في ظل الكارثة البيئية الناجمة عن حرائق اللاذقية، تبرز أهمية الخطوات السريعة لإعادة التأهيل الزراعي ودعم الأهالي المتضررين. إن التعاون بين المحافظة وبرنامج الأغذية العالمي والجهات المحلية يشكل خطوة أساسية نحو إعادة الغطاء الأخضر، وتمكين المجتمعات الريفية من تمكين ذاتي وتنمية مستدامة. ومع تنفيذ مشاريع دعم سبل العيش، ستتحول المناطق المتضررة إلى مناطق منتجة تحيي الأرض وتمنح الأهالي مستقبلاً لأفضل بشكل عام.
عبير محمود – أخبار الشام sham-news.info