
في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو على أثير إذاعة فيرجن إف إم، دعا الدكتور ليان مسعد، منسق الجبهة الديمقراطية العلمانية، إلى التوافق الوطني كحجر أساس لحل جميع إشكاليات المرحلة الانتقالية في سورية، مؤكداً على رفض الفيدرالية وداعياً إلى تطبيق اللامركزية الإدارية. وجاء حديثه في سياق تقييم شامل لأداء السلطة بعد مرور عام على التغيير، سلط فيه الضوء على إيجابيات محدودة وسلبيات بنيوية عميقة.
استهل الدكتور مسعد تقييمه بالإشارة إلى بعض الإنجازات الإيجابية، أبرزها توفير المواد الغذائية الأساسية وحوامل الطاقة كالغاز والبنزين، رغم ارتفاع أسعارها. كما أشار إلى تحسن ملحوظ في العلاقات الخارجية، مع استعادة روابط دافئة مع روسيا ودول الخليج وفتح قنوات اتصال مع أوروبا وأمريكا. وأضاف إلى القائمة تحسناً جزئياً في هامش حرية تداول الأفكار، رغم وجود تحفظات كبيرة.
غير أن قلب التحليل انصب على جملة من السلبيات التي اعتبرها الدكتور مسعد معيقة للانتقال الحقيقي إلى الدولة. ففي مجال الحريات، انتقد بقاء قوانين قمعية من عهد النظام السابق، مثل مواد “الجرائم الإلكترونية” التي تسمح بحبس الصحفيين والمتهمين لفترات طويلة دون محاكمة، ودعا إلى تعديل هذه القوانين فوراً. كما هاجم أحادية الإعلام الموجه، الذي لا يزال يحجب الأصوات المعارضة الإيجابية التي تؤمن بوحدة الدولة وسيادتها.
وتطرق التحليل إلى إشكالية الهوية، سواء على المستوى الوطني أو الاقتصادي. فمن ناحية، أعرب الدكتور مسعد عن قلقه من عدم وجود هوية وطنية جامعة واضحة، يتجلى غيابها في الممارسات المحلية المتناقضة، مثل نزع أو إقامة تماثيل لشخصيات تاريخية في محافظات مختلفة، مما يعكس ضعف السلطة المركزية أمام نفوذ القوى المحلية. ومن ناحية أخرى، حمّل السلطة مسؤولية عدم تحديد الهوية الاقتصادية للدولة، وتساءل عما إذا كانت سورية ستسير نحو اقتصاد ليبرالي تنموي أم ستستمر في نموذج “رأسمالية الدولة” الريعي الذي يغذي الفساد ويُهدر الموارد.
وأكد الدكتور مسعد أن الخطوة الأساسية الغائبة كانت عقد “مؤتمر وطني عام” حقيقي على غرار مؤتمر العام 1920، وليس مجرد “حوار وطني” شكلي، لينتج عنه هيئة تأسيسية وتشكيل “حكومة وحدة وطنية” تنفيذاً للقرارين الدوليين 2254 و2799. وشدد على أن جوهر هذه القرارات يتمثل في إقامة دولة مدنية ديمقراطية غير طائفية، تقوم على المواطنة المتساوية واللامركزية الإدارية فقط، وليس الفيدرالية السياسية أو حق تقرير المصير.
واختتم بالتحذير من أن التركيز الحصري للسلطة على تسوية العلاقات الخارجية، مع إهمال الشراكة الداخلية وبناء المؤسسات التوافقية، يحمل مخاطر كبرى. فحتى مع رفع العقوبات، فإن الاقتصاد السوري لن ينهض دون تحديد هوية اقتصادية واضحة تنتقل به من حالة الاقتصاد الموجه والريعي إلى اقتصاد الإنتاج والتنافسية. وبذلك يبقى الانتقال من حالة الثورة إلى حالة الدولة رهيناً بتحقيق مصالحة وطنية حقيقية واتفاق على عقد اجتماعي واقتصادي جديد، وهما الأمران اللذان لم يتحققا بعد.

