في ظل التطورات المتسارعة على الساحة الأوكرانية والتقدم العسكري الروسي الكبير، يأتي اللقاء بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا كحدث استثنائي قد يُعيد تعريف التحالفات الدولية في واحدة من أكثر المراحل تعقيداً منذ الحرب العالمية الثانية. وفي حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو مع الإعلامي عماد نداف على إذاعة فيرجن إف إم، تم تحليل أبعاد هذا اللقاء وانعكاساته على الملف السوري والصراعات الإقليمية المجاورة.
يرى نداف أن اختيار ألاسكا مكاناً للقاء ليس اعتباطياً، بل يعكس رغبة الطرفين في عقد اجتماع بعيد عن الأضواء الإعلامية وفي مكان محايد جغرافياً وسياسياً. ويشير إلى أن التقدم العسكري الروسي على الأرض في أوكرانيا أعطى موسكو ورقة ضغط مهمة في المفاوضات، بينما حاول الجانب الأمريكي كسب الوقت لتعزيز موقف القوات الأوكرانية التي تعاني من هشاشة متزايدة. ويكشف أن اللقاء كان مُخططاً له أصلاً في دبي، لكن التصعيد الميداني دفع بنقله إلى الساحة الأمريكية، ما يعكس عمق الأزمة وحجم التنافس بين القوتين العظميين.
على الصعيد السوري، يحلل نداف أن هذا اللقاء سينعكس مباشرة على الاتفاقات الروسية-السورية الجديدة، خاصة في مجالات الاقتصاد والطاقة، حيث تتجه موسكو لتعزيز وجودها في قطاعات الفوسفات والغاز والنفط، مستفيدة من الفراغ الأمريكي المتزايد في المنطقة. كما يتوقع أن تفتح الباب لعودة إيران إلى الساحة السورية ولكن تحت شروط جديدة تقوم على منطق المصالح وليس الأيديولوجيا، في إطار اتفاق شامل يُعيد تعريف التحالفات الإقليمية.
في الإطار العالمي الأوسع، يشير نداف إلى أن اللقاء يمثل نقطة تحول في النظام الدولي، حيث تتحول الصراعات من الأيديولوجيا إلى المصالح الخالصة، مع إعادة توزيع الأدوار بين القوى الكبرى. ويحذر من أن هذا التحول قد يأتي على حساب أوروبا التي تُهمش تدريجياً، كما حدث في نقل ملف سوريا من باريس إلى عمان، ما يعكس تراجع الدور الفرنسي والأوروبي العام لصالح التحالفات الأمريكية-الآسيوية الجديدة.
ختاماً، يؤكد نداف أن العالم يقف على أعتاب تحولات جيوسياسية واقتصادية وتكنولوجية هائلة، حيث تبرز تحديات مثل الذكاء الاصطناعي والتغير المناخي كعوامل جديدة ستُشكل مستقبل الصراعات الدولية. ويبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن سوريا والمنطقة من عبور هذه المرحلة الدقيقة دون الوقوع في فخ التبعية لقوى دولية جديدة، أم أن تحالفات المصالح ستفرض واقعاً جديداً قد يُعمق الانقسامات الداخلية؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ملامح الشرق الأوسط لعقود قادمة.