تُعَدّ محافظة إدلب واحدة من أبرز المناطق الزراعية في سوريا، إذ اشتهرت منذ عقود بزراعة الزيتون والفستق الحلبي واللوزيات، فضلاً عن إنتاج الخضراوات والحبوب. ورغم ما مرّت به المحافظة من ظروف قاسية ألحقت أضراراً واسعة بالقطاع الزراعي، فإنها ما تزال تحتفظ بمكانتها كخزان غذائي مهم، ما يجعل من دعم هذا القطاع ضرورة ملحّة لإعادة الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى المنطقة.
أهمية الزراعة في إدلب
الزراعة في إدلب ليست مجرد نشاط اقتصادي، بل هي ركيزة أساسية في حياة سكانها الذين يعتمدون عليها كمصدر رزق رئيسي. فالمحافظة تضم ملايين أشجار الزيتون التي تشكل رمزاً للهوية المحلية، إلى جانب إنتاج الفستق الحلبي الذي ارتبط باسمها في الأسواق المحلية والعالمية. وتكتسب هذه الزراعة أهمية إضافية في ظل الظروف الحالية، إذ تساهم في تحقيق الأمن الغذائي وتعزيز صمود الأهالي.
التحديات
تعرضت الزراعة في إدلب لضربات قاسية خلال السنوات الماضية، إذ تم قطع نحو مليون ونصف شجرة، فيما لحقت أضرار كبيرة بالمنشآت الزراعية والمشاتل. كما أدت محدودية الموارد إلى تراجع القدرة الإنتاجية، فضلاً عن الصعوبات المتعلقة بتأمين الوقود والأسمدة والبذار. ورغم هذه التحديات، ظل المزارعون متمسكين بأرضهم، يعملون ضمن الإمكانيات المتاحة للحفاظ على هذا الإرث الزراعي.
الخطط الإسعافية
أعلن وزير الزراعة الدكتور أمجد بدر عن خطة إسعافية تستهدف إعادة النهوض بالقطاع الزراعي في إدلب، تتضمن توزيع 200 ألف غرسة زيتون مجاناً من الأصناف الملائمة، وتقديم الدعم عبر تأجيل القروض الزراعية وتوزيع الأسمدة والبذار بأسعار مدعومة. كما يجري التنسيق مع وزارة الطاقة لتأمين الوقود اللازم لتشغيل الآليات الزراعية وضمان استمرار العملية الإنتاجية.
دور منظمة “أكساد”
في خطوة داعمة، أعلنت منظمة “أكساد” عن مشروع لإنشاء فرع لها في إدلب بتكلفة مليوني دولار، يهدف إلى إنتاج مليون غرسة زيتون سنوياً، إلى جانب تطوير زراعة الفستق الحلبي واللوزيات. ويتضمن المشروع أيضاً برامج لدعم الثروة الحيوانية، ما يعزز التنوع الزراعي ويخلق فرصاً أوسع للاكتفاء الذاتي وتحسين دخل المزارعين.
إدلب اليوم أمام فرصة لاستعادة دورها الريادي في الزراعة بفضل الجهود المشتركة بين الحكومة والمنظمات الداعمة والمزارعين. فالخطط الإسعافية وتوسيع المشاريع الزراعية تمثل حجر الأساس لإحياء القطاع الزراعي، الذي يشكل قلب اقتصاد المحافظة وروحها. وبقدر ما يُعاد إحياء الأرض وتخضيرها، تُبعث الحياة من جديد في إدلب وأهلها، بما يضمن الأمن الغذائي ويعزز التنمية المستدامة للمستقبل.
عبير محمود – أخبار الشام sham-news.info