ترامب يزور المنطقة بدون جائزة السلام… ويلقي خطابا في الكنيست ويشارك بالتوقيع على اتفاق إنهاء الحرب في غزة..
بوتين يدعم بقوة خطة ترامب لوقف الحرب في غزة.. وترامب يؤكد أن الخطة تهدف إلى إحلال الأمن والسلام في المنطقة..
حساب الحقل لم يتفق مع حساب البيدر، وحساب السلام لا يتفق مع حساب الحرب… وخطة ترامب لوقف حرب غزة والتي اعتبرها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حدثا تاريخيا لم تتوافق مع حلمه بالحصول على جائزة نوبل، ولكن ترامب استطاع أن يخلق مناخا جديدا حول العالم، وقد حاز على دعم روسيا والصين وعدد كبير من دول المنطقة. وفي خضم فرحته بموافقة إسرائيل وحماس على خطته لوقف الحرب، بقي ترامب حتى اللحظة الأخيرة ينتظر الحصول على جائزة نوبل للسلام لهذا العام بعد أن ألح كثيرا ودعا طويلا، وهو ينادي بأعلى صوت أنه يستحق الجائزة الأغلى في العالم جائزة نوبل للسلام مكافأة له ولجهوده لوقف حرب غزة واعترافا بمساعيه لوقف الحرب في أوكرانيا. غير أن إعلان ترامب عزمه تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك لقصف روسيا كانت رسالة سلبية إلى لجنة نوبل، ومع ذلك، فقد كان لافتا ما أظهره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من اهتمام ودعم قوي لترامب في موضوعي خطته لإنهاء حرب غزة وفي سعيه للحصول على جائزة نوبل، وقال الرئيس بوتين عن خطة ترامب بشأن غزة: “إذا نجح في تنفيذها فلن تكون أقل من حدث تاريخي”، وأكد أن روسيا تدعم المبادرة الأمريكية وأهم قضية إقامة دولة فلسطينية، مشيرا إلى أن مشاركة بلاده في عملية السلام قد تكون مطلوبة. كما رحبت الخارجية الروسية بالاتفاق بشأن المرحلة الأولى من التسوية في غزة…
من جانبه، رد الرئيس الأمريكي التحية الروسية بأحسن منها، وأعلن أنه سينهي الحرب الروسية الأوكرانية، وقال إن الرئيس الروسي دعم اتفاق غزة بقوة، وأكد أن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يمثل صفقة عظيمة لإسرائيل وللعرب وللمسلمين والعالم، وأن العالم سيشهد يوم الاثنين في الثالث عشر من تشرين الأول وهو الموعد المقرر لتوقيع الاتفاق في مصر، سيشهد بداية مرحلة جديدة من الأمل والسلام…
وحول منح جائزة نوبل للسلام لغير ترامب، أبدى الرئيس بوتين تعاطفا كبيرا مع ترامب في سعيه للحصول على الجائزة وقال: “القرار ليس من شأني والجائزة مُنحت أكثر من مرة لمن لم يفعل أي شيء من أجل السلام”… فيما اعتبر الرئيس ترامب أنه يستحق الجائزة لأنه كما قال ساهم في إيقاف ثمانية حروب حول العالم…
ومع أن ازدواجية الحرب والسلام وإلحاح ترامب على أنه يستحق جائزة نوبل ودعم هذا الاستحقاق بوقف الحرب على غزة خلقت حالة إعلامية جديدة وزخما إعلاميا نشيطا ومؤثرا، غير أن قصف إيران ودعم الحرب على غزة والإعلان عن تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك كانت كافية لحجب الجائزة عن ترامب الذي حارب بكل الوسائل للحصول على جائزة نوبل للسلام بالتزامن مع طرح خطته لإيقاف الحرب وجرائم الإبادة في غزة والتي أودت بحياة 70 ألف فلسطيني منذ السابع من تشرين الأول عام 2023. وقد أكد ترامب بعد موافقة حكومة نتنياهو وحماس على وقف إطلاق النار أن نتنياهو سيلتزم بتطبيق الخطة كونها تلبي أهداف الحرب وهي استعادة الأسرى الإسرائيليين من غزة، واعتبر ترامب أن الجميع تعب من القتال وحان وقت السلام، وأشاد ترامب بدور روسيا والصين وأكد أن دولا عربية وإسلامية وروسيا والصين تدعم صفقة غزة، مشيرا إلى أن دولا غنية ستساهم في إعادة بناء غزة. فيما أعلن نتنياهو أنه تم التوصل إلى اتفاق غزة بفضل ترامب وفريقه في إشارة إلى مبعوثه ويتكوف وصهره كوشنير..
اللذين شاركا في مفاوضات القاهرة مع حماس ومصر وقطر، وحضرت جانبا من اجتماع الحكومة الإسرائيلية التي أقرت مساء الجمعة العاشر من تشرين الأول الموافقة على الاتفاق الذي يشمل الإفراج عن الرهائن والمعتقلين الفلسطينيين ووقف العمليات العسكرية والانسحاب من قطاع غزة…
بالتزامن مع هذه التطورات المتسارعة، أعلن البيت الأبيض جدول أعمال زيارة ترامب إلى المنطقة لحضور التوقيع على اتفاق غزة بين إسرائيل وحماس، حيث يلقي الرئيس ترامب خطابا في الكنيست الإسرائيلي بدعوة من رئيس الكنيست. وهذه من الحالات النادرة والاستثنائية، ويبدو أن ترامب ونتنياهو يريدان إيصال رسالة إلى العالم بشأن التزام الولايات المتحدة المطلق بأمن إسرائيل، وهذا ما أكده كوشنير الذي اعتبر بعد أن خرج من اجتماع الحكومة الإسرائيلية برفقة نتنياهو ويتكوف أن الاتفاق يحافظ على أمن إسرائيل. فيما ذكر مسؤولون أمريكيون إن خطة ترامب ترتكز على أهمية إيقاف العمليات العسكرية وعودة الأسرى الإسرائيليين الذين احتجزتهم حركة حماس خلال عملية طوفان الأقصى قبل أكثر من عامين، وتنص الخطة أيضا على انسحاب قوات الاحتلال من غزة… حيث بدأت القوات الإسرائيلية بالانسحاب وتم سحب الفرقة 36 فرقة جولاني ولواء جفعاتي….
ويشكل التوقيع على اتفاق غزة بين إسرائيل وحماس يوم الاثنين في القاهرة في الثالث عشر من تشرين الأول بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعدد من القادة في المنطقة وقادة الدول التي شاركت في المفاوضات وبخاصة مصر وقطر وتركيا، حدثا تاريخيا بالنظر للنتائج التي نجمت عن حرب غزة على مستوى المنطقة والعالم، وبالنظر إلى تداعيات هذه الحرب على مستقبل غزة وعملية السلام في المنطقة، حيث سيتم وفق وسائل إعلام إسرائيلية نشر 200 جندي أمريكي في غزة لمتابعة تنفيذ الاتفاق، وستقوم هذه القوة الأمريكية بإنشاء مركز تنسيق في إسرائيل بشأن غزة، وسيقوم المركز بمتابعة شؤون غزة حتى إقامة سلطة دائمة، حيث تسعى السلطة الفلسطينية إلى إعادة حكم قطاع غزة، فيما تنص خطة ترامب على تشكيل ما يسمى مجلس سلام برئاسة ترامب نفسه، ومن المتوقع أن تشارك مصر وقطر وتركيا في إدارة قطاع غزة. فيما تم استبعاد الدول الأوروبية التي حاولت عبر مؤتمر باريس إيجاد كرسي لأوروبا على طاولة المفاوضات الخاصة بغزة، غير أن واشنطن لم تشارك في مؤتمر باريس رغم توجيه الدعوة لها في إشارة إلى عدم رغبة ترامب في إعطاء أي دور للدول الأوروبية التي طالبت بمحاكمة نتنياهو وأيدت خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الاعتراف بالدولة الفلسطينية، الأمر الذي أغضب إدارة ترامب وحكومة الاحتلال على حد سواء. لهذا أشاد الرئيس ترامب بموقف روسيا ورئيسها من اتفاق غزة، ولكنه لم يذكر الاتحاد الأوروبي واجتماع باريس، وفي ذلك إشارة أيضا إلى أن ترامب كما استبعد أوروبا من المفاوضات الروسية الأوكرانية، كذلك الأمر في صفقة غزة يتكرر السيناريو نفسه، ويرفض ترامب إشراك أوروبا بالمفاوضات ويصر على الاحتفاظ لبلاده بكامل المساحة والجهود والأعمال الخاصة ليس بوقف الحرب في غزة وإنما بالعمل لإحلال السلام في المنطقة والعالم.
ولا شك أن الهالة التي صنعها ترامب لنفسه من خلال وقف الحرب الإسرائيلية على غزة والدور الذي لعبه لإنهاء هذه الحرب، تأتي في إطار سياسة ترامب وحرصه على تحقيق أمن إسرائيل وتفوقها العسكري واستكمال مشروع الهيمنة على المنطقة ومواصلة فرض النفوذ والوصاية والاعتداءات على دول المنطقة وضرب الفلسطينيين وحرمانهم من حقوقهم، واستغلال حالة الضعف والانقسام التي تمر بها الدول العربية من أجل تحقيق حلم إسرائيل الكبرى وفق رؤية نتنياهو. غير أن اتفاق غزة وما حصل في غزة ليس آخر المطاف، والمقاومة الفلسطينية وفصائلها الجبهة الشعبية وحماس والجهاد الإسلامي أكدت خلال مؤتمر سارعت لعقده في القاهرة تصميمها على المقاومة حتى استعادة الحقوق وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وهذا ما بات العالم كله يدعمه ويسانده، وأكثر من ذلك يطالب العالم بمحاكمة المجرمين الصهاينة الذين ارتكبوا الانتهاكات المروعة ضد الفلسطينيين في قطاع غزة. ومن المنتظر بعد اتفاق غزة أن يتم العمل بتنسيق دولي وأممي لإدخال آلاف الشاحنات التي تحمل مساعدات ضرورية إلى أبناء غزة، في وقت طالبت أوروبا بإعادة فتح معبر رفح بمشاركة ممثلين عن الاتحاد الأوروبي. غير أن ما كان قبل عملية طوفان الأقصى لن يكون اليوم، والخطة الحالية لإدارة غزة بعد موافقة حماس على التخلي عن هذه الإدارة ستكون على الأغلب إدارة أمريكية بمشاركة عدد من الدول منها مصر التي ستلعب دورا محوريا وهاما في المستقبل في إدارة غزة، بالنظر إلى موقعها الجغرافي وترحيب الفصائل الفلسطينية بهذا الدور…
ومهما كان شكل الإدارة والحكم في غزة بعد الموافقة على خطة ترامب والتوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، فإن المقاومة ستستمر طالما بقي الاحتلال، وربما يكون اتفاق غزة خطوة أولية على طريق إحلال السلام ليس في غزة وإنما في المنطقة كلها مع وجود إرادة دولية بهذا المنحى ومع اتساع دائرة التعاطف والتأييد للقضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني وترسيخ صورة إسرائيل التي تمارس الظلم والقهر وتقتل الأطفال في غزة…
