في خضم الاشتباكات الدامية التي اندلعت في حي الشيخ مقصود بحلب، تبرز معضلات عميقة تواجه المسار السياسي في سوريا، حيث تتداخل الخلافات المحلية مع الأجندات الإقليمية والدولية في مشهد بالغ التعقيد. وفي حوار شامل لشبكة شام نيوز إنفو على هواء إذاعة فيرجن إف إم مع الأستاذ براء عثمان، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين، تم تشريح هذه الأزمة من جذورها وتداعياتها على مستقبل البلاد.
يرى عثمان أن الاشتباكات الأخيرة لم تكن سوى القشة التي قصمت ظهر البعير، حيث كشفت عن جذر الأزمة الحقيقي المتمثل في عدم تنفيذ قسد لاتفاق 10 آذار 2025. ويكشف أن السبب المباشر للاشتباكات تمثل في قيام وزارة الدفاع السورية بتفجير نفق كانت قسد تحفره في المنطقة، مما أدى إلى رد فعل عنيف استهدف عناصر من وزارة الداخلية. ويؤكد أن الاشتباكات لم تتجاوز الساعتين لكنها خلفت أضراراً جسيمة في صفوف المدنيين.
في تحليل أعمق للأزمة، يكشف عثمان أن الحكومة السورية نفذت جميع التزاماتها بموجب اتفاق آذار، بما في ذلك تعليق تعيين محافظين في الحسكة ودير الزور والرقة للحفاظ على قنوات الحوار مفتوحة. لكن قسد، وفقاً للتحليل، لم تلتزم بأي من التزاماتها بسبب ارتباطها العضوي بحزب العمال الكردستاني (PKK) الذي يعتبر المتضرر الرئيسي من أي اتفاق يضمن المساواة بين جميع السوريين.
على الصعيد الدولي، يحلل عثمان أن الرسالة الأمريكية أصبحت واضحة عبر تصريحات المبعوث توماس باراك الذي أكد على “المشاركة في الجمهورية العربية السورية ضمن أمة واحدة وبجيش واحد”. ويشير إلى أن تياراً داخل قسد ما زال يراهن على تغيير موازين القوى الدولية رغم تراجع الدعم الفرنسي والأمريكي لمشاريع التقسيم.
من جهة أخرى، يتناول عثمان الملف الإسرائيلي مشيراً إلى أن رئيس الوزراء نتنياهو يدفع بالمنطقة نحو التصعيد لتحويل الأنظار عن فشله في إدارة أزمة 7 تشرين الأول. ويكشف أن التخبط الإسرائيلي وصل إلى حد استهداف قطر، التي تمثل وسيطاً دولياً رئيسياً في حل النزاعات.
ختاماً، يؤكد عثمان أن الدولة السورية تواصل سعيها لحل الأزمة عبر الحوار رغم كل التحديات، مشيراً إلى أن زيارة باراك الأخيرة إلى دمشق جاءت لاحتواء الموقف ومنع تطور الاشتباكات. ويبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن سوريا من تجاوز هذه الأزمة وتحقيق الاستقرار المنشود، أم أن تدخلات الأطراف الإقليمية ستظل عقبة كأداء في وجه أي تقدم؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مصير المنطقة لعقود قادمة.