
في سياق التحولات العميقة التي تشهدها الساحة السورية، تبرز أحداث محافظة السويداء والمناطق الجنوبية كمرآة تعكس تعقيدات المرحلة الانتقالية واستحقاقات إعادة بناء الدولة. وفي حوار خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم، قدم الإعلامي عماد نداف قراءة معمقة لجذور الأزمة وتداعياتها على الوضع الوطني.
يكشف نداف عن حساسية الملف الجنوبي وأهميته في المعادلة السورية، مشيراً إلى أن هذه المنطقة تمتلك هوية تاريخية عميقة تجسدت عبر مواقفها المشهورة في بناء الدولة السورية والمنعطفات التاريخية الكبرى. ويسجل رفضه القاطع للمسارات التقسيمية التي تسعى لقطع الجنوب عن جسده الوطني، مستنكراً ما أسماه “محاولات فرض شروط جديدة على الدولة السورية” من خلال تغيير المسميات التاريخية كتسمية جبل العرب بجبل باشان.
يحلل نداف المشهد الإقليمي والدولي المؤثر على الملف السوري، مشيراً إلى تحولات مشروع الشرق الأوسط الجديد وتباين الرؤى بين الإدارة الأمريكية الحالية وما سبقها. ويسجل أن التقسيم المرسوم للمنطقة لم يعد موجوداً بالشكل المتوقع، لكن مقوماته مازالت قائمة وتنتظر الحلول.
في الجانب الأمني، يقدم نداف تشخيصاً دقيقاً للوضع الميداني، مؤكداً أن جزءاً كبيراً من الأحداث هي ذات طابع جنائي وليست نزاعات طائفية. ويكشف عن ضعف الأجهزة الأمنية في المرحلة الانتقالية بعد حل الأجهزة السابقة، ما أدى إلى انتشار الجريمة التي يتم تحميلها أحياناً على خلفيات طائفية وسياسية.
ويلفت نداف إلى دور وسائل التواصل الاجتماعي في تأجيج المشاعر الطائفية، مشيراً إلى وجود أكثر من 200 ألف موقع مؤثر تعمل على تشكيل الرأي العام السوري. وينبه إلى خطورة تحويل الجرائم الجنائية إلى صراعات مذهبية، مذكراً بحادثة اختطاف الطفل أمام مدرسته كحالة دراسية تعكس هذا الخلط الخطير.
ختاماً، يشدد نداف على ضرورة بناء إعلام وطني موثوق وقادر على تغطية الأحداث بشكل مهني، مشيراً إلى أن الاعتماد على القنوات الخارجية يزيد من تشتت الشعب السوري. ويطالب بتعزيز وجود الأجهزة الأمنية وتمكينها من ضبط الأمور، مع العمل على معالجة الأسباب الاجتماعية والاقتصادية الكامنة وراء انتشار الجريمة، في مسار متوازن يحافظ على وحدة السوريين وهويتهم الوطنية الجامعة.

