
في ظل تزايد التحديات التي تواجه المجتمعات المعاصرة، تُعد قضايا الصحة النفسية ومشكلة تعاطي المخدرات من أخطر القضايا التي تهدد الأفراد واستقرار المجتمعات. وانطلاقاً من أهمية هذه العلاقة المعقدة بين المخدرات والصحة النفسية، نظّمت مديرية صحة اللاذقية بالتعاون مع جمعية دوبامين للتنمية ورشة عمل متخصصة بعنوان “المخدرات والصحة النفسية”، بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، بهدف تسليط الضوء على هذه الظاهرة وتقديم حلول واقعية للتعامل معها.
المخدرات والصحة النفسية
تناولت الورشة العلاقة الوثيقة بين تعاطي المخدرات واضطرابات الصحة النفسية، إذ بيّن الخبراء أن الإدمان ليس مجرد سلوك منحرف بل هو نتيجة تفاعل معقّد بين العوامل النفسية والاجتماعية والبيولوجية. فالمخدرات تؤثر مباشرة على الدماغ وتغيّر كيميائيته، مما يؤدي إلى اضطرابات في المزاج، والقلق، والاكتئاب، وأحيانًا إلى انفصام الشخصية. كما أن ضعف الصحة النفسية يجعل الأفراد أكثر عرضة للجوء إلى المخدرات كوسيلة للهروب من ضغوط الحياة، مما يخلق دائرة مفرغة يصعب كسرها دون وعي ودعم مجتمعي.

دور الوعي في الوقاية
أكّد المشاركون في الورشة على أهمية التوعية المجتمعية كوسيلة فعّالة للحد من انتشار المخدرات. فالتثقيف النفسي والاجتماعي يساعد على فهم المخاطر الحقيقية للإدمان ويعزز مهارات المقاومة لدى الشباب. كما تم التركيز على دور المؤسسات التربوية والإعلامية في بناء ثقافة صحية قائمة على الحوار والانفتاح، بعيدًا عن الوصم والتمييز تجاه من يعانون من اضطرابات نفسية أو إدمان.
أهمية التعاون
شكّلت الورشة نموذجاً للتعاون البنّاء بين القطاع الصحي والمنظمات الأهلية، إذ يفتح هذا التعاون آفاقاً جديدة لتكامل الجهود في مجالات الوقاية والعلاج وإعادة التأهيل. وقد ساهم تبادل الخبرات بين المشاركين في تحديد احتياجات المجتمع المحلية وصياغة توصيات عملية يمكن تنفيذها على أرض الواقع.
تحديات كبيرة
تمثل ورشة “المخدرات والصحة النفسية” خطوة مهمة نحو تعزيز الوعي المجتمعي بأحد أخطر التحديات التي تواجه الإنسان في العصر الحديث. فالصحة النفسية ليست ترفاً، بل هي ركيزة أساسية لحياة متوازنة ومنتجة. إن مواجهة الإدمان تتطلب فهماً عميقاً لأبعاده النفسية والاجتماعية، وتعاوناً مستمراً بين الأفراد والمؤسسات لضمان بناء مجتمع صحي وآمن قادر على مواجهة المخاطر بعقلٍ واعٍ وإرادةٍ قوية.
عبير محمود – أخبار الشام sham-news.info

