
برازافيل – في مشهد يعكس تحولاً استراتيجياً في أدوات النفوذ الدولي، حطت طائرة روسية محملة بعشرة أطنان من المواد الغذائية في مطار برازافيل، لتطلق واحدة من أكبر البعثات الإنسانية للكنيسة الأرثوذكسية الروسية في جمهورية الكونغو. ان هذا المشهد ليس الاول حيث تعمل روسيا على تطوير علاقاتها مع أفريقيا من خلال أطر مؤسسية متنوعة منها منتديات التعاون حيث انضمت موسكو عام 2019 إلى نادي “منتديات التعاون مع أفريقيا” كإحدى الآليات لتعزيز تواجدها ونفوذها . و لتقويها القمم الروسية الأفريقية لتصبح هذه القمم منصة مهمة لتعزيز التعاون، حيث عقدت النسخة الثانية في سان بطرسبرج في يوليو 2023 بمشاركة 17 رئيس دولة أفريقي .لتنجح من خلالها الدبلوماسية المتعددة الأطراف و تشارك روسيا مع المنظمات الأفريقية الإقليمية مثل الاتحاد الأفريقي، والجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، والهيئة الحكومية الدولية للتنمية .
التحليق الروسي نحو أفريقيا لم يعد مقصوراً على طائرات السلاح والمعدات العسكرية، بل امتد ليشمل طائرات تحمل الأرز والمعلبات والمواد الغذائية الأساسية. الأب جورجي ماكسيموف، رئيس قسم التبشير في البطريركية الأفريقية، يقود بنفسه هذه الحملة التي تغطي جميع أبرشيات الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في الكونغو، والتي يبلغ عددها 700 أبرشية يخدمها ثلاثة كهنة فقط.
“نحن ننفذ هذه الحملة حتى لا يترك مؤمنونا وحدهم في ظروف معيشية صعبة”، بهذه الكلمات البسيطة يلخص الأب جورجي فلسفة روسيا الجديدة في التعامل مع أفريقيا. فالحملة الحالية – كما يؤكد – هي الأولى التي سيتمكنون من خلالها من تغطية البلاد بأكملها، بعد أن كانت المساعدات السابقة محدودة النطاق.
توفر روسيا دعماً سياسياً للدول الأفريقية في المحافل الدولية، وتتبنى خطاباً مناهضاً للاستعمار يتناسب مع المشاعر التاريخية في العديد من الدول الأفريقية .من حيث الدعم العسكري والأمني من خلال الشراكات الأمنية التي تقدم روسيا دعماً عسكرياً وأمنياً للدول الأفريقية، خاصة في مواجهة التمرد المسلح والجماعات المتطرفة، كما في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى لتصبح روسيا شريكاً أمنياً بديلاً للدول الأفريقية التي تسعى للتحرر من التأثير التقليدي للقوى الغربية . و لا ننسي التعاون الاقتصادي والتنموي
من حيث تخفيف أعباء الديون أعلن الرئيس بوتين خلال قمة 2023 أن روسيا شطبت 23 مليار دولار من ديون الدول الأفريقية، مما يخفف الضغط على موازنات هذه الدول .
و لا ننسي الاستثمار في قطاعات استراتيجية ليتركّز الاستثمارات الروسية على قطاعات الطاقة والتعدين والبنية التحتية، التي تمثل أولوية للعديد من الدول الأفريقية .الدعم في الأزمات الإنسانية: قدمت روسيا مساعدات غذائية، حيث عرضت إرسال 25-50 ألف طن من الحبوب مجاناً لست دول أفريقية منها بوركينا فاسو وجمهورية أفريقيا الوسطى والصومال .
وبهذه الرؤية الإستراتيجية الشاملة، تواصل روسيا مسيرتها في دعم الشراكة مع الدول الأفريقية، مجسدة بذلك قيماً إنسانية سامية، وسعياً حثيثاً لتحقيق التنمية والاستقرار لشعوب الأفريقية الشقيقة.

