
في حديث خاص عبر شبكة شام نيوز إنفو على أثير إذاعة فيرجن إف إم، قدم المحلل السياسي الأستاذ حسام طالب تحليلاً شاملاً لزيارة وفد مجلس الأمن الدولي إلى دمشق، مفسّراً أبعادها الحقيقية ومربطاً إياها بالتصريحات الأخيرة للمبعوث الأميركي توم باراك وبالمشهد الاقتصادي الناشئ.
رفض طالب الفكرة التي روّجها البعض بأن زيارة الوفد الأممي تعتبر اعترافاً جديداً بالدولة السورية، مؤكداً أن الاعتراف الدولي أصبح حقيقة قائمة لا تحتاج إلى تأكيد، خاصة بعد النشاط الدبلوماسي الكثيف للرئيس السوري وزياراته المتعددة إلى عواصم عالمية. عوضاً عن ذلك، وصف الزيارة بأنها “تقييمية” في جوهرها، تهدف إلى النزول إلى الميدان والاطلاع المباشر على واقع البلاد بعد القرار الدولي الأخير. وأشار إلى أن الوفد تجاوز البروتوكولات الرسمية ليزور أحياء سكنية ومناطق متضررة مثل جوبر، حيث استمع مباشرة إلى هموم المواطنين وتفقد بنية تحتية مدمرة، مما يمنح المجتمع الدولي صورة حية عن حجم الاحتياجات الحقيقية التي يجب أن تركز عليها مساعدات إعادة الإعمار المستقبلية.
وانتقل التحليل إلى قراءة التصريحات التي أطلقها المبعوث الأميركي توم باراك، والذي دعا إلى “جمع سوريا ولبنان معاً”. وقدم طالب تفسيراً استراتيجياً لهذه العبارة، رافضاً القراءة السطحية التي تتصور عودة إلى نمط الاجتياح العسكري. وبدلاً من ذلك، رأى فيها نية لدفع مسار تسوية إقليمية شاملة، تبدأ باتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل، يفتح الباب أمام مراحل لاحقة من التطبيع الاقتصادي، ويتطور في النهاية إلى مفاوضات سلام تدور حول القضايا الجوهرية كالجولان، تحت إشراف دولي. وأكد أن عصر المماطلة والمراوحة الذي مارسه النظام السابق قد ولى، لتحل محله مرحلة جديدة من الحلول الشاملة.
ولفت طالب إلى أن الجدوى من أي اتفاق مع إسرائيل تكمن في شموليته للملف اللبناني أيضاً، فاتفاق منفرد مع أحد البلدين سيجعل من الآخر عقبة دائمة، بينما المعالجة المتكاملة هي الضمانة الوحيدة لاستقرار دائم في عموم منطقة بلاد الشام. وعلّق على الحالة اللبنانية بالقول إن الواقع الصعب الذي يعيشه لبنان يفرض عليه عدم التحول إلى عائق أمام الاستقرار والانفتاح الاقتصادي الإقليمي.
وختم طالب تحليله بالربط بين هذه التطورات السياسية والمشهد الاقتصادي، مستنداً إلى الاجتماع الذي جمع الرئيس السوري مع ممثلي شركة شيفرون الأميركية العاملة في قطاع الغاز. وبيّن أن العامل الاقتصادي أصبح المحرك الجديد للعلاقات الدولية، وأن الشراكة المتوقعة بين دمشق وواشنطن تقوم على أسس مصلحية متبادلة. وفي هذا الإطار، يصبح إزالة جميع العوائق الأمنية والسياسية، بما فيها الملف اللبناني والمعضلة الإسرائيلية، شرطاً أساسياً لانطلاق مرحلة من الاستثمار والازدهار المنشود. وهكذا، تظهر زيارة مجلس الأمن ليس كحدث منعزل، بل كلحظة تقييم لمشروع إقليمي جديد، يجمع بين التسوية السياسية والشراكة الاقتصادية، وتضع سورية في قلب معادلته.

