أثار قرار محكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتهمة ارتكاب جرائم حرب جدلاً واسعاً على الساحة الدولية. وفي حديثه لشبكة شام نيوز إنفو، قدم المحلل السياسي عبد الله منيني تحليلاً عميقاً حول هذا القرار وتداعياته المحتملة.
شكك عبد الله منيني في نوايا ومحفزات المحكمة الجنائية الدولية، مشيراً إلى أن قراراتها كانت دائماً مسيسة وتعمل كسيف مسلط ضد شعوب المنطقة. وأكد أن المحكمة لم تتخذ أي خطوات فعلية ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين السابقين مثل أرئيل شارون أو إسحاق رابين، مما يعكس هيمنة الولايات المتحدة على هذه المؤسسة الدولية. هذا الشك يعزز من الرؤية القائلة بأن المحكمة لا تقدم العدالة بشكل مستقل، بل تتأثر بالأجندات السياسية للدول الكبرى، وخاصة الولايات المتحدة.
اعتبر منيني أن توقيت إصدار مذكرة الاعتقال يثير العديد من التساؤلات، خاصة أنه يتزامن مع تظاهرات الطلبة في الجامعات الأمريكية. وأوضح أن هؤلاء الطلبة يمثلون الجيل القادم من القادة في بلدانهم، مما يجعل القرار خطوة سياسية تهدف إلى فضح إدارة بايدن التي تحاول الاستثمار في الانتخابات القادمة من خلال مهاجمة قرار المحكمة. وصف الرئيس بايدن القرار بأنه “مشين”، مما يعكس أزمة واشنطن المتزايدة في التعامل مع تدهور الوضع الإسرائيلي الداخلي.
أكد المحلل السياسي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، الأستاذ غسان محمد، أن مجرد صدور مذكرة الاعتقال يمثل سابقة خطيرة وسيكون لها عواقب وخيمة على إسرائيل. واعتبر أن المذكرة لا تستهدف نتنياهو وغالانت فقط، بل تشير إلى احتمال محاكمة إسرائيل بأكملها أمام محكمة العدل الدولية. هذا الأمر عكسته الصحف الإسرائيلية مثل “هآريتس” و”يديعوت أحرونوت”، التي أكدت أن لهذه المذكرات تأثيرات خطيرة بغض النظر عن تنفيذها.
أوضح غسان محمد أن مذكرة الاعتقال تمثل ورقة ضغط قضائية وسياسية إضافية على نتنياهو، خاصة في ظل تصريحات وزير الحرب يواف غالانت وبني غانتس. تهديد غانتس بالاستقالة من الكابينت إذا لم يتم اتخاذ خطوات واضحة حتى الثامن من الشهر القادم يزيد من حدة الضغوط على حكومة نتنياهو، مما قد يؤدي إلى توسيع حركة الاحتجاجات الداخلية ويشجع إدارة بايدن على البحث عن بديل سياسي للحكومة الحالية.
من جانبه، أشار عبد الله منيني إلى التماهي وتبادل الأدوار بين واشنطن وتل أبيب، مؤكداً أن المحكمة الشعبية الفلسطينية التي تمثلها المقاومة قالت كلمتها ونفذت الحكم بالكيان الصهيوني. وأكد أن ما يفعله نتنياهو هو محاولة لتصدير صورة نصر وهمية، في حين أن جرائم الإبادة التي يرتكبها ضد أبناء قطاع غزة تستدعي موقفاً حاسماً من الجانب العربي. ولكن في ظل الوضع الحالي، يبدو من الصعب تحقيق إسرائيل لأهدافها من هذه الحرب، مما يضيف مزيداً من التعقيدات إلى المشهد السياسي الإسرائيلي.
يمثل قرار محكمة الجنايات الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو نقطة تحول في التعامل الدولي مع الجرائم الإسرائيلية. ومع ذلك، تظل التساؤلات حول مصداقية المحكمة ودوافع القرار قائمة. إن تفاعل القوى السياسية داخل إسرائيل وردود الفعل الدولية على هذا القرار سيكون لها تأثير كبير على مستقبل المنطقة واستقرارها.