في إطار النزاع المستمر في أوكرانيا، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مجموعة من الشروط التي ترمي إلى إنهاء النزاع وإحلال السلام، وتعتبر هذه الشروط بمثابة عرض للمجتمعين في ما يُسمى بمؤتمر السلام الأوكراني في سويسرا. ومع ذلك، قوبلت هذه المبادرة الروسية بردود فعل سلبية من الغرب الذي يبدو أنه يسعى لإطالة أمد الأزمة بهدف تحقيق مصالح اقتصادية.
في 14 يونيو، طرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائه مع قيادة وزارة الخارجية الروسية شروطاً محددة لإنهاء النزاع، منها:
1. انسحاب القوات الأوكرانية من دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا.
2. وضع حيادي وغير نووي وغير منضم لأي تحالف عسكري لأوكرانيا.
3. نزع السلاح واجتثاث النازية من أوكرانيا.
4. تثبيت وضعية القرم وسيفاستوبول ودونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا كأقاليم روسية في الاتفاقيات الدولية.
5. رفع جميع العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.
كما أشار بوتين إلى عدم شرعية الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، موضحاً أن إلغاء الأخير للانتخابات الرئاسية يمثل مخالفة دستورية، وبالتالي فإن أي معاهدة يوقعها زيلينسكي لا تتمتع بأي شرعية. وأكد بوتين أن الجهة الشرعية الوحيدة في أوكرانيا هي البرلمان الأوكراني “الرادا”.
قوبلت شروط بوتين برفض قاطع من زيلينسكي الذي وصفها بأنها “إنذار لا يمكن الوثوق به”، كما رفضتها الولايات المتحدة وحلف الناتو، معتبرين أنها لا تمثل حلولاً سلمية حقيقية. وأعرب وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن والأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ عن موقفهما الرافض لهذه المقترحات.
عقدت القمة السويسرية من أجل دعم خطة زيلينسكي للسلام المكونة من عشر نقاط، والتي منها استعادة حدود أوكرانيا كما كانت عام 1991. لكن الواقع على الأرض واستبعاد روسيا وعدم حضور لاعبين كبار مثل الصين وقناعة الكثير من المشاركين فيها باستحالة هكذا شروط جعل تحقيق أي تقدم حقيقي نحو إنهاء النزاع مستحيلاً. وبدلاً من ذلك، ركزت القمة على أهداف أكثر محدودية مثل السلامة النووية والمساعدات الإنسانية وتبادل الأسرى.
من الواضح أن الغرب يسعى لإطالة أمد الأزمة الأوكرانية لتحقيق مكاسب اقتصادية. فالولايات المتحدة وحلفاؤها في الناتو يستغلون النزاع لاستنزاف الأصول الروسية المجمدة، مع تقديم قروض ضخمة لأوكرانيا تحت ستار المساعدات الإنسانية والدفاعية. في قمة G7 التي عقدت في إيطاليا في 13 و14 يونيو، أعلن قادة مجموعة السبع عن تقديم قروض بقيمة 50 مليار دولار لأوكرانيا حتى نهاية عام 2024، يتم تسديدها من عائدات الأصول الروسية المجمدة.
يبدو أن نية روسيا في السلام تقابل بإصرار غربي على استمرار آلة الحرب لتحقيق مكاسب اقتصادية. فالغرب، بقيادة الولايات المتحدة، يستغل الأزمة الأوكرانية لسرقة الأصول الروسية ودعم الاقتصاد الأوروبي المتعثر بسبب العقوبات التي فرضها الغرب نفسه ضد روسيا. في حين أن الشعب الأوكراني يدفع ثمناً باهظاً لهذه المساعدات التي تُقدم له على أنها دعم، إلا أنها في الحقيقة قروض وجزء من استراتيجية أوسع لإطالة أمد النزاع وتحقيق مكاسب مالية على حساب استقرار المنطقة.
يجب أن يكون الحل الدائم للنزاع الأوكراني شاملاً ويشمل جميع الأطراف المعنية. في الحين الذي تسعى روسيا فيه لتحقيق السلام من خلال شروط واضحة، يبدو أن الغرب يستخدم الأزمة كوسيلة لتحقيق أهداف اقتصادية وسياسية أوسع، مما يعرقل الجهود الحقيقية لإنهاء النزاع وإحلال السلام في المنطقة.