في ظل التوترات العالمية والصراع الدائر بين القوى العظمى حول السيطرة على أوراسيا، تأتي زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى كوريا الشمالية وفيتنام في العشرين من يونيو 2024 لتضيف بعدًا جديدًا إلى هذا الصراع. في حديث لشبكة “شام نيوز إنفو”، سلط المحلل السياسي العميد المتقاعد علي مقصود الضوء على أبعاد هذه الزيارة وتداعياتها المحتملة على الساحة الدولية.
يعتبر مقصود أن الصراع الراهن بين القوى العظمى، خصوصًا الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى، يتمحور حول السيطرة على أوراسيا. التحرك الأمريكي باتجاه الفلبين وكوريا الجنوبية واليابان وتشكيل محور معادي لروسيا والصين يعكس محاولات واشنطن لاحتواء النفوذ الروسي والصيني المتنامي في المنطقة.
زيارة بوتين إلى كوريا الشمالية تحمل في طياتها العديد من الرسائل الاستراتيجية. فالتوقيع على اتفاقيات نوعية مع بيونغ يانغ، بما في ذلك تزويد كوريا الشمالية بغواصات وصواريخ فرط صوتية، يعزز من قدرات كوريا الشمالية العسكرية ويزيد من تعقيدات المواجهة مع الولايات المتحدة. يدرك بوتين تمامًا مستوى العداء بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة، وما تمتلكه بيونغ يانغ من قدرات عسكرية هائلة، مما يجعل هذه الخطوة جزءًا من استراتيجية روسية أوسع لتعزيز تحالفاتها العسكرية في مواجهة التحركات الأمريكية في المنطقة.
تنتهي زيارة بوتين إلى هانوي، حيث يسعى إلى استعادة العلاقات التاريخية بين روسيا وفيتنام. هذه الخطوة ليست مجرد إعادة تأكيد للعلاقات الثنائية، بل تمثل أيضًا تحركًا استراتيجيًا في سياق المنافسة مع الولايات المتحدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ. تعزيز العلاقات مع فيتنام، التي تعد شريكًا استراتيجيًا قديمًا لروسيا، يمكن أن يوفر لموسكو موطئ قدم قوي في المنطقة ويعزز من تواجدها الجيوسياسي.
وفيما يتعلق بالوضع في أوكرانيا، يشير مقصود إلى أن الخارطة الجديدة التي فرضتها روسيا في أوكرانيا هي التي سيتم اعتمادها عندما تبدأ المفاوضات. إذا ما فشلت المفاوضات في تكريس عودة المقاطعات الأربعة إلى روسيا، فإن السيناريو المتوقع هو توسع الحرب ودخول القوات الروسية إلى أوديسا وكييف. هذا التحرك الروسي يعكس استراتيجية حازمة لتحقيق أهدافها الإقليمية وتعزيز موقفها التفاوضي في أي محادثات مستقبلية.
تشير زيارة بوتين إلى كوريا الشمالية وفيتنام إلى تصعيد جديد في الصراع الجيوسياسي بين القوى العظمى. التحركات الروسية تهدف إلى تعزيز تحالفاتها العسكرية والاقتصادية في مواجهة الضغوط الأمريكية. في هذا السياق، يبدو أن موسكو تسعى إلى استغلال كل فرصة لتقوية موقفها وتحقيق أهدافها الاستراتيجية في أوراسيا.
من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مزيدًا من التصعيد والتوترات، حيث تستمر الولايات المتحدة في محاولة احتواء النفوذ الروسي والصيني. يبقى السؤال المطروح: كيف ستتطور هذه التحركات وما هي التداعيات المحتملة على الاستقرار العالمي؟ الأكيد هو أن الساحة الدولية مقبلة على مرحلة جديدة من الصراع والتنافس بين القوى العظمى، حيث ستلعب التحالفات والاستراتيجيات دورًا حاسمًا في تحديد ملامح المستقبل.