في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو، أشار المحلل السياسي والنائب السابق في مجلس الشعب مهند الحاج علي إلى أن موضوع تحسين العلاقات السورية التركية ليس وليد اللحظة بل يعود إلى العام 2016. استذكر الحاج علي لقاء عابرا جمع بين وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم ووزير الخارجية التركي جاويش أوغلو في بلغراد، حيث أبدى الطرفان استعدادهما لطي صفحة الماضي. كان هذا اللقاء عقب تحرير حلب، ووقتها كان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يرسم خارطة جديدة لتركيا تشمل جنوب مدينة حلب وسراقب، معتبراً إياها أراضٍ تركية، وخصص البرلمان التركي ميزانية رمزية ليرة تركية واحدة لما يسمى بـ”ولاية حلب”.
أوضح الحاج علي أن أردوغان، منذ العام 2011 وحتى 2016، كان يسير على خطين: مشروعه الخاص ومشروع الولايات المتحدة، وكان يطمح للسيطرة على حلب من خلال تجييش الإرهابيين وتمويلهم. أكد الرئيس الأسد أن يوم انتصار حلب وما بعده مختلف تماماً عن ما قبله. وفي العام 2016، أدرك أردوغان فشله في تمرير مشاريعه، خاصة بعد تدخل روسيا في الأزمة السورية وتعامله الممنهج مع أردوغان الذي يعرفون تآمره على سوريا، لكنهم يجيدون الاستثمار في الخصوم.
أكد الحاج علي أن روسيا ساعدت أردوغان خلال محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016، مما ساهم في تخفيف العداء عند الخصم. أما بالنسبة لاستدارة أردوغان الكاملة نحو تحالف إقليمي جديد يضم إيران وسوريا وتركيا لإدارة شؤون المنطقة، فأشار الحاج علي إلى أن أردوغان لا يزال يحتفظ بمشاريعه الخاصة، لكن الوضع الداخلي التركي يمنعه من مواصلة تنفيذها. أضاف أن أردوغان وزع الجنسيات للاجئين كهدايا لكسب الأصوات، لكن المعارضة التركية وقفت إلى جانب سوريا ضد الإرهاب وكسبت الرهان.
يرى الحاج علي أن أردوغان يخسر حالياً البرلمان والبلديات، وقد يخسر منصبه إذا لم يغير موقفه تجاه سوريا. من الناحية الاقتصادية، أشار الحاج علي إلى أن مشروع الحزام والطريق القادم من الصين يمر عبر إيران والعراق باتجاه سوريا وتركيا، وإذا كانت العلاقات السورية التركية مقطوعة، فلن يتمكن أردوغان من الاستفادة من هذا المشروع. أضاف أن أكثر من خمسة آلاف شركة شحن تضررت جراء القطيعة مع سوريا، ناهيك عن النقل وترويج البضائع التركية، وكل ذلك يمر عبر سوريا.
على الصعيد العسكري، أشار الحاج علي إلى أن أردوغان حاول تتريك المنطقة وقام بثلاثة عمليات عسكرية لكنه لم يتمكن من ضمان حدوده. لذلك، الحل الوحيد هو التعاون مع الحكومة السورية لضمان أمن تركيا القومي. أما العامل الأمني، فأكد الحاج علي أن المناطق خارج سيطرة الدولة السورية أصبحت مرتعاً للعصابات المنظمة وتجارة المخدرات والأفراد، وهذه العوامل تضغط على أردوغان وتكلفه غالياً لضبطها في الداخل التركي. لذلك، من الأولى له ضبط هذه الأمور بالتعاون مع سوريا. العامل الخامس يتعلق باليمين المتطرف في تركيا، الذي يسعى لإعادة المهجرين ولا يقبل الابتزاز من قبل أردوغان.
حول تراجع أردوغان واستدارته، اعتبر الحاج علي أن أردوغان أدرك تماماً أن تحقيق طموحاته بالخلافة لم يعد قابلاً للتحقيق في ظل المتغيرات الحالية، وفشله في كافة الملفات الإقليمية. وأشار إلى أن حزب العدالة والتنمية لن يستلم السلطة بعد أردوغان، حيث تتراجع شعبيته، وأردوغان قد قرأ هذا الواقع.
أكد الحاج علي أن الرئيس بشار الأسد، القائد العام للجيش والقوات المسلحة، هو من بدأ بالضغط على أردوغان وأجبره على تغيير مواقفه، عندما بدأ الجيش العربي السوري بقيادة الأسد بكنس الإرهابيين وتجميعهم على الحدود السورية التركية. هؤلاء الإرهابيون الذين كانوا مشكلة لسوريا أصبحوا الآن مشكلة لتركيا، مما راكم الضغوط على تركيا وأجبرها على التفاهم مع الدولة السورية.