أكد المحلل السياسي أحمد رفعت يوسف، مدير الأخبار في إذاعة دمشق، خلال حديثه مع شبكة أخبار شام نيوز إنفو على هواء ميلودي إف إم، أن هناك شريحة كبيرة من الشعب التركي تكن حبا كبيرا لسوريا، مشيرا إلى احتفالية أُقيمت في إسطنبول حضرها حوالي نصف مليون تركي مؤيد لسوريا، حيث أذيعت خلالها أغان وطنية سورية.
أوضح يوسف أنه زار تركيا قبل اندلاع الأحداث في عام 2011، والتقى بصحفيين وإعلاميين أتراك حذروا من سياسة الرئيس رجب طيب أردوغان، مؤكدين أن الشارع التركي المحب لسوريا كبير وواسع. وحول التقارب الحالي بين دمشق وأنقرة، أبدى يوسف دهشته من سرعة التوجه التركي نحو سوريا، معتبراً أن دوافع أردوغان لاستجداء علاقة مع دمشق تتعلق بالمصالح فقط، حيث لا توجد أخلاق أو قوانين في السياسة، بل مصالح فقط.
وأشار يوسف إلى وجود سببين رئيسيين لهذا التوجه: الأول هو احتمالية انسحاب الولايات المتحدة من سوريا والعراق، حيث تتوفر معلومات لدى القيادة التركية حول هذا الانسحاب، والثاني هو التطورات السريعة في الخريطة الجيوسياسية بالمنطقة بناءً على ما يحدث في غزة، حيث يشهد المشروع الصهيوني الغربي انهيارًا.
وأوضح يوسف أن الانسحاب الأمريكي سيخلق فراغا ستملؤه المقاومة، بينما تبقى تركيا متحالفة مع الناتو والولايات المتحدة. وأكد أن الاقتصاد التركي لن يتعافى دون فتح البوابة السورية والطرق البرية. وذكر أن أردوغان يتعرض لضغوط كبيرة من مختلف الدول، حيث يُطلب منه تحسين العلاقات مع سوريا. وأضاف أن تركيا وصلت إلى نقطة حرجة ولن تنجو منها إلا بتحسين علاقتها مع سوريا، مشيرا إلى محاولات الولايات المتحدة منع أي تقارب بين البلدين.
وأكد يوسف أن التسويات ستشمل الجميع في تركيا، موضحًا أن العفو لن يشمل المجرمين، وأن مشكلة المصالحة السورية التركية تكمن في التعامل مع الإرهابيين والمسلحين. وذكر أنه سيتم ترحيل البعض إلى النيجر، بينما سيواجه البعض الآخر الجيشين السوري والتركي. وأكد أن قضية اللاجئين سيتم حلها بالتعاون والتنسيق مع تركيا وروسيا والصين، مشيرًا إلى أن قرار تركيا بإعادة العلاقات مع سوريا لا رجعة فيه ويتعلق بالأمن القومي التركي.
تناول يوسف مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي تبناه أردوغان، مشيرا إلى أنه كان نائب المدير التنفيذي للمشروع الذي خططت له الولايات المتحدة، وأن سقوط سوريا كان متوقعا خلال ثلاثة أشهر، لكن سوريا صمدت لمدة ثلاثة عشر عاما. وأكد أن وزراء خارجية دول الناتو حددوا مواعيد للاحتفال بسقوط دمشق، لكنهم الآن يتساقطون بينما سوريا ما زالت صامدة.
أوضح يوسف أن استدارة أردوغان لم تأت فقط نتيجة للجهود الروسية أو الظروف الداخلية التركية، بل فرضتها الوقائع على الأرض، حيث يتجه الصراع في المنطقة ضد المشروع الأمريكي. وأشار إلى أن عودة العلاقات بين سوريا والسعودية جاءت نتيجة مأزق حقيقي تعيشه الولايات المتحدة بعد الإسرائيليين. وذكر أن القواعد الأمريكية في المنطقة أصبحت أهدافا للمقاومة، وأن هناك قرارا رئيسيا بإخراج الأمريكيين من غرب آسيا.
أكد يوسف أن نجاحات محور المقاومة غيرت خريطة المنطقة، وأن الولايات المتحدة تخسر في أوكرانيا وفي منافستها مع الصين بدون أن تطلق الصين طلقة واحدة. وتوقع أن السنوات القادمة ستشهد دراما جيوسياسية مثيرة، حيث ستتغير كيانات وستظهر منطقة جديدة مختلفة، مؤكدًا أن الإسرائيليين يدركون ذلك ولكنهم عاجزون عن التراجع.