اجتماع في موسكو يجمع الرئيسين، السوري بشار الأسد والروسي فلاديمير بوتين، لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين والمستجدات في المنطقة.
أجرى الرئيس السوري بشار الأسد زيارة عمل إلى روسيا التقى خلالها نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وبحث معه مجمل جوانب العلاقات بين البلدين، كما بحث الوضع في منطقة الشرق الأوسط والتطوّرات المتسارعة التي تعيشها، وجوانب التنسيق المشترك للتعامل معها.
واعتبر الرئيس الأسد أنّ كلاً من سوريا وروسيا مرّتا بتحديات صعبة واستطاعتا تجاوزها دائماً، منوّهاً للثقة والمصداقية المتبادلة التي تقوم عليها علاقات البلدين والشعبين، مؤكداً أنّ هذا مؤشّر على نضج العلاقات بين البلدين.
ووصف الأسد اجتماعه مع الرئيس الروسي بالمهم لمناقشة سيناريوهات مختلفة، وذلك بالنظر إلى الوضع الجيو سياسي الحالي.
الأسد لفت إلى أنّ زيارته تتزامن مع الذكرى الـ80 لإقامة العلاقات بين بلاده وروسيا. من جهته شدّد بوتين على أنّ الوضع يزداد توتراً في الشرق الأوسط وأنّ المباحثات مع الرئيس السوري فرصة لبحث كل التطورات والسيناريوهات المحتملة، مؤكداً في الوقت نفسه أن هناك فرصاً واعدة للعلاقات الاقتصادية والتجارية بين سوريا وروسيا.
وأكد بوتين، خلال الاجتماع، مناقشة العلاقات الثنائية والوضع في المنطقة الذي وصفه بأنه “يميل إلى التصعيد”، مشيراً إلى أنّ هذا ينطبق على سوريا أيضاً.
وأمل بوتين بحث العلاقات التجارية والاقتصادية بين موسكو ودمشق، لافتاً إلى أنّ العديد من الأسئلة لا تزال مطروحة في هذا الشأن.
واستقبل الرئيس الروسي، نظيره السوري، اليوم الخميس، في الكرملين، في العاصمة الروسية موسكو، حيث عقدا اجتماعاً لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين والمستجدات في المنطقة، في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة.
80 عاماً من العلاقات بين سوريا وروسيا
وقبل أيام تبادل الرئيسان برقيات التهاني بمناسبة مرور 80 عاماً من العلاقات بين سوريا وروسيا، وشدّد الأسد، في رسالته، على أنّ البلدين “تبادلا الدعم على مدى ثمانين عاماً، وبقيا متمسّكين بالمبادئ والكرامة، على الرغم من تعرّضهما لكلّ أشكال الضغوط ومحاولات الإخضاع وكسر الإرادة”.
وأضاف أنّ سياسات ومواقف روسيا “أكدت موقعها كقوة تسعى للخير والسلام، وتستند للمبادئ والقيم واحترام سيادة الدول”.
بدوره، قال بوتين في رسالته إنّ “موسكو ودمشق اكتسبتا، أثناء العقود الماضية، خبرة ثرية للتعاون الثنائي في العديد من المجالات المختلفة.
وتابع أنّ التنمية المستمرة للعلاقات الروسية – السورية بأكملها، “تتفق تماماً ومصالح شعبي البلدين، وتتماشى على نهج تعزيز السلام والاستقرار على المستويين الإقليمي والدولي”.
وفي هذا السياق، كتبت شبكة “بلومبرغ” أن الرئيس الروسي يسعى لتطبيع العلاقات بين سوريا وتركيا، الأمر الذي قد يشكل انتكاسة كبيرة للدور الأميركي في سوريا، في ظل رغبة تركيا الدائمة في الانتهاء من وجود تنظيم كردي مسلح، مدعوم أميركياً، عند حدودها.
ونقلت الشبكة الإعلامية الأميركية، عن الكرملين، أنّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، التقى نظيره السوري، بشار الأسد، في إطار الجهود التي تدعمها موسكو من أجل “استعادة العلاقات بين دمشق وأنقرة”.
وقال بوتين للأسد، في مقطع فيديو نشره الكرملين يوم الخميس: “أنا مهتم للغاية برأيك بشأن كيفية تطور الوضع في المنطقة ككل. لسوء الحظ، هناك ميل نحو التصعيد، ويمكننا أن نرى ذلك. وهذا ينطبق بصورة مباشرة على سوريا”.
وأكد الرئيس السوري أن محادثاتهما كانت “مهمة للغاية”، بالنظر إلى الأحداث التي يشهدها العالم ومنطقة أوراسيا.
ولفتت “بلومبرغ” إلى أن أي تطبيع للعلاقات بين تركيا وسوريا من شأنه أن “يشكل انتكاسة للولايات المتحدة في المنطقة”، كما أن هذه الخطوة تأتي في إطار جهود أوسع نطاقاً تبذلها موسكو وبكين، من أجل “تحدي واشنطن في الشرق الأوسط”، في ظلّ احتفاظ الولايات المتحدة بنحو 900 جندي، شمالي شرقي سوريا، من أجل دعم حلفائها الكُرد، “وهو الوجود الذي سعت موسكو ودمشق منذ فترة طويلة إلى إنهائه”.
ويأتي الاجتماع، كما أشارت “بلومبرغ”، في أعقاب عودة الأسد إلى الجامعة العربية في أيار/مايو، من العام الماضي، و”هو ما يمثل انتصاراً لزعيمٍ يواجه عقوبات أميركية وأوروبية ثقيلة”.
ولعل الجهود الكبيرة والجبارة التي قامت بها روسيا لفرض كلمتها في سوريا قد بدأت تأتي بثمارها، فهي لم تشمل فقط تغيير نبرة الدول العربية تجاه الحكومة السورية، بل وانتشرت ووصلت إلى أوروبا، حيث ذكرت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية أنّه تمّ حثّ بروكسل على إعادة النظر في تعاملها مع سوريا بعد أكثر من 13 عاماً من الحرب، حيث اقترح تحالفٌ من عواصم الاتحاد الأوروبي المزيد من التفاعل مع الرئيس السوري، بشار الأسد، لزيادة “النفوذ السياسي”.
وأوردت الصحيفة أنه قبيل اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم لمناقشة الشرق الأوسط، دعَت ثماني عواصم، بما في ذلك روما وفيينا، الاتحاد إلى “مراجعة وتقييم” نهجه تجاه سوريا.
وفي رسالة إلى كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، اطلعت عليها صحيفة “فايننشال تايمز”، كتب وزراء خارجية النمسا وكرواتيا وقبرص وجمهورية التشيك واليونان وإيطاليا وسلوفاكيا وسلوفينيا، أنّ “هدفنا هو سياسة أكثر نشاطاً وتوجّهاً نحو النتائج في سوريا. وهذا من شأنه أن يسمح لنا بزيادة نفوذنا السياسي وفعّالية مساعداتنا الإنسانية”.
ويجادل الوزراء بأنه منذ عام 2017، أدى استقرار الصراع، وحرب أوكرانيا، والتحرّكات التي اتخذتها الدول العربية لتطبيع العلاقات مع الحكومة السورية إلى تغيير الديناميكيات.
وعلى الرغم من هذه “التطورات المهمة”، فإنّ “سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه سوريا لم تتطوّر، ونتيجةً لذلك فإنّ الجهد الإنساني الضخم لا يُترجم إلى دور سياسي مماثل”.
وفي وثيقة منفصلة تمّ توزيعها على عواصم أخرى، اقترح الوزراء إنشاء مبعوث للاتحاد الأوروبي في سوريا يمكنه التواصل ليس فقط مع الجهات الفاعلة السورية ولكن أيضاً مع دول أخرى في المنطقة، إلى جانب إعادة التواصل مع السفير السوري لدى الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وبحسب ما تابعت الصحيفة، اقترح الوزراء أيضاً مناقشة تأثير نظام العقوبات الذي فرضه الاتحاد الأوروبي على سوريا، معتبرين أنّ “الإفراط في الامتثال في النظام المصرفي” كانت له “آثار سلبية غير مقصودة… على السكان [السوريين]”.