في حديث له مع شبكة شام نيوز إنفو على ميلودي إف إم، أشار المحلل مهند حاج علي إلى الأسباب العميقة وراء العداء الغربي لروسيا، متناولاً تأثيرات الحرب في أوكرانيا على النظام العالمي الراهن. وفقاً للحاج علي، فإن روسيا بعد الحرب العالمية الثانية أثبتت نفسها كقوة عالمية، وهو ما لم ترحب به الولايات المتحدة التي تسعى للهيمنة على العالم. تمكن الرئيس بوتين من إعادة التوازن والهيبة إلى روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، حيث نسج علاقات دولية واسعة باستثناء بعض الدول الأوروبية المتحالفة مع الولايات المتحدة.
من جهة أخرى، أشار الحاج علي إلى أن محاربة الليبرالية الحديثة التي يقودها الغرب هي إحدى المحاور الأساسية في سياسة بوتين، وذلك لحماية الأسس التقليدية للمجتمع الروسي مثل الأسرة والنظام التعليمي. هذا التوجه يثير استياء الغرب الذي يرى في روسيا تحدياً لمشاريعه. مثال على ذلك، قانون مكافحة الشذوذ الجنسي الذي تفرضه روسيا يزعج الغرب، كما أن الأحداث الثقافية المثيرة للجدل، مثل افتتاح الأولمبياد في فرنسا بصورة مسيئة للسيد المسيح، تعكس تبايناً عميقاً في القيم.
في سياق آخر، تسعى فرنسا للتملص من السيطرة الأمريكية، لكن كل محاولة قامت بها باريس باءت بالفشل بسبب الضغوط الأمريكية. خلال عملية “طوفان الأقصى”، كان الرئيس الفرنسي ماكرون أول من يصل إلى إسرائيل لدعمها، وهو موقف يعكس العلاقة المعقدة بين فرنسا والولايات المتحدة. في هذا السياق، أشار حاج علي إلى أن فرنسا وأوروبا بشكل عام لم تتمكن من تحقيق التقدم الاقتصادي الذي حققته روسيا في السنوات الأخيرة، خاصة في مجالات النفط والغاز.
أما بخصوص استبعاد روسيا وبيلاروسيا من الأولمبياد، فقد أكد حاج علي أن هذه الخطوة تعكس ازدواجية المعايير لدى الغرب، الذي ينظر فقط إلى مصالحه دون اعتبار للعدالة أو المساواة. ورغم هذه الضغوط، فإن روسيا محصنة سياسياً واقتصادياً وتحقق تقدماً كبيراً في المجالات العسكرية والاقتصادية.
التراجع والفشل الأمريكي في أوكرانيا يعدان محوراً مهماً في تحليل الحاج علي. فقد حول الرئيس بوتين المعركة من استنزاف روسيا إلى استنزاف أوروبا، مما أدى إلى شعور الولايات المتحدة بالفشل. كما أشار حاج علي إلى تصريحات ترامب التي أكد فيها أنه يمكنه وقف الحرب بالاعتراف بالأقاليم الأربعة لروسيا وعزل زيلينسكي، وهو موقف يعكس الرؤية البراغماتية لترامب.
فيما يتعلق بالرد الروسي على تسليح أوكرانيا، أعلن بوتين أن روسيا ستقوم بتسليح حلفائها بأسلحة متطورة لمواجهة تسليح الغرب لأوكرانيا. وهذا يشمل دعم روسيا لحلفائها في إيران وسوريا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا، حيث تسعى هذه الدول للتحرر من السيطرة الغربية وتعزيز علاقاتها مع روسيا.
وبالنسبة للرد الإيراني، أوضح حاج علي أن الرد جاء مفاجئاً للأمريكيين وسيبقى محور المقاومة يركز على استنزاف إسرائيل يومياً. هذا الاستنزاف يُعتبر جزءاً من استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى إضعاف إسرائيل تدريجياً وصولاً إلى تحرير فلسطين.
ختاماً، أكد حاج علي أن إزالة إسرائيل ليست واردة حالياً وتحتاج إلى مزيد من الوقت والتحضير. كشف الحاج علي عن لقاء جمع الرئيس حافظ الأسد والخامنئي، حيث اتفقا على أن تكون أول ثلاثين عاماً مخصصة للإعداد والتجهيز. اليوم، مع دعم روسيا والصين، تتجه الأمور نحو تحولات استراتيجية يمكن أن تؤدي في النهاية إلى تحرير فلسطين.
الزيارة الأخيرة لوفد أمريكي إلى طهران لمحاولة التوصل إلى اتفاق يعكس عمق الأزمة والتوترات في المنطقة. ورغم العروض الأمريكية، رفضت إيران كل تلك العروض، مما يعكس صلابة موقف محور المقاومة وإصراره على تحقيق أهدافه.