من إعلام العدو
صحيفة معاريف: 11/8
انزلاق إسرائيل إلى حرب إقليمية رهان خطير للغاية
بقلم: اوريل لين
إذا كان علينا أن نحدد أهداف إسرائيل طويلة المدى، فيبدو لي أنه سيكون من الممكن أن نقول ببساطة: تدمير المنظمات الإرهابية المستعدة لإلحاق الأذى بنا، وردع الأعداء الذين لا نستطيع تدميرهم بشكل دائم، وإقامة علاقات مع الدول الصديقة قدر الإمكان، بما في ذلك مع العالم الغربي، وأيضا مع الصين، ومع العالم العربي والإسلامي. وهذا يمكن تعريفه بشكل عام بسياسة إسرائيل الخارجية.
لا شك أن هذه الفكرة تبسيطية للغاية، إلا أن الأمر يستحق استيعابها لأنها رؤية طويلة الأمد تشكل سياسة حكيمة. لكن حرب 7 أكتوبر وضعتنا في وضع معقد وزادت من صعوبة تحقيق هذه الأهداف الواضحة. لا شك أنه يجب علينا تدمير حماس، ومن المبرر تدميرها. وأنا لا أقصد حماس كفكرة، ومن العار حتى مناقشة هذه القضية، ولكن حماس كقوة إرهابية عسكرية. ولكننا نواجه أمام تحقيق هذا الهدف، صعوبتين معروفتين: إطلاق سراح المختطفين والإضرار بالسكان المدنيين، وخاصة الأطفال الذين يعيشون في قطاع غزة. ولا يهم على الإطلاق إذا كان هؤلاء السكان المدنيون يدعمون حماس وأن حماس تستخدمهم كسلاح للدفاع عن الإنسان.
إن إيذاء السكان المدنيين لا يمكن أن يكون مقبولا في العالم الأوسع بجميع طبقاته الاجتماعية مع مرور الوقت، وسيكلفنا فقدان الدعم في نضالنا في العالم، ويزداد سوءا مع استمرار الحرب. أما بالنسبة للإفراج عن المختطفين فقد اتبعنا سياسة خاطئة. فقد كان من الوهم وضع إطلاق سراح المختطفين مع تدمير حماس كهدف واحد مشترك. وكان واضحاً أن حماس لن تطلق سراح المختطفين – السلاح الأقوى بيدها – إلا إذا حققت أهدافاً مهمة لها من الصفقة. \
العالم كله، بما في ذلك نحن، يتحدث عن الصفقة باعتبارها السبيل الوحيد لحل مشكلة المختطفين. وها قد مضى أكثر من عشرة أشهر على اندلاع الكارثة الوطنية، والمختطفون ما زالوا في أسر حماس ولم يتم القضاء على حماس بعد.
كان علينا من البداية، أن نضع هدفاً واحداً فقط: إطلاق سراح المختطفين، ليس من خلال صفقة، بل من خلال الكفاح المسلح. ولو حددنا ذلك على أنه الهدف الوحيد وأعلنا أننا لن نذهب لعقد صفقات مع حماس، بل سنخوض معركة لا هوادة فيها ضدها حتى إطلاق سراح آخر المختطفين، لكان نضالنا أكثر فهما وأسهل، وأكثر قبولا في العالم. ويمكن أن نقول للرئيس التركي أردوغان وغيره، ويجب أن نقول اليوم: إذا كنتم تهتمون بالسكان الفلسطينيين، فيرجى إثبات صدق نواياكم والعمل على إطلاق سراح المختطفين. بهذه الطريقة، سنكسر النموذج الذي أنشأناه بأيدينا والذي يرى أنه من المربح والمفيد للمنظمات الإرهابية أن تقوم باختطاف المدنيين أو الجنود.
في مواجهة السياسة الخاطئة التي تم اتباعها في الحرب ضد حماس، فإننا لا نتوقف عن التفكير ونواصل المضي قدما في تصميم سياسة خاطئة أخرى ضد إيران، وبأيدينا نجر إيران إلى مواجهة مباشرة معنا. صحيح أن إيران تقوم ببناء وتسليح وتشجيع المنظمات الإرهابية لمهاجمتنا. لذا فمن الأفضل أن نخوض القتال ضد المبعوثين فقط، وليس ضد إيران نفسها. الصراع المباشر ضد إيران له طابع مختلف تماما عن الصراع ضد وكلائها أو مبعوثيها. فايران ترتبط إيران بعلاقة خاصة مع روسيا التي تحتاجها في حربها ضد أوكرانيا.
ليس لإسرائيل مصلحة ولا يمكن أن يكون لها أي مصلحة في توسيع القتال ضد الحوثيين وحزب الله والحرس الثوري إلى حرب مباشرة ضد إيران. هذه مقامرة كبيرة جدا ومحفوفة بالمخاطر. وبمرور الوقت يجب علينا تهدئة المواجهات مع إيران والعودة إلى حالة العلاقات الودية مع تركيا. الإيمان بصدق طريقنا قد يمنحنا قوة داخلية، لكنه لا ينبغي أن يكون الخط الموجه لسياسة خارجية حكيمة. وهذا لا يعني أن نحيد عن مبدأ أن من قتل إسرائيليا لن ينجو أبدا وأننا سنلاحقه حتى يدفع حياته ثمنا، لكن هذا المبدأ يخضع لاعتبارات أين ومتى. إن فهم المصالح وبنية القوى العاملة اليوم على الساحة الدولية هو أكثر تأثيراً من أي مبادئ للعدالة.
ترجمة: غسان محمد