في حديث خاص مع شبكة شام نيوز عبر إذاعة ميلودي إف إم، تناول المحلل السياسي محمد العمري التصعيد المستمر في أوكرانيا وتأثيراته على الساحة الدولية، مع التركيز على معادلة تزويد الدول المناهضة للولايات المتحدة بالسلاح الروسي في حال استمرار حلف الناتو في دعم أوكرانيا بالأسلحة.
بدأ العمري حديثه بالإشارة إلى زيارة وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو إلى طهران، معتبراً أنها تمثل رسالة قوية تشير إلى أن الصراع لم يعد مقتصراً على دولتين فقط، بل أصبح صراعاً دولياً واسع النطاق. وأضاف أن استهداف القوات الأوكرانية للقوات الروسية في مالي يعزز هذه الفرضية، مما يبرز مدى تعقيد وتشابك هذا النزاع. وفي هذا السياق، تساءل العمري عما إذا كان شويغو قد زود إيران بمنظومات الدفاع الجوي “إس-400″، ومدى تأثير هذه الزيارة على التنسيق الروسي الإيراني، مشيراً إلى أن كل هذه الأمور ستُطرح على الطاولة في المستقبل القريب.
كما أشار العمري إلى أن ما نشهده اليوم هو عملية “إدارة بالأزمة”، حيث تثار الأزمات وتدار بشكل منظم لتحقيق أهداف محددة. وفي هذا السياق، تطرق إلى الصورة التي جمعت الفلسطينيين في الصين مؤخراً، واعتبر أن هذه الصورة أزعجت الولايات المتحدة لأنها تعزز من نفوذ الدبلوماسية الصينية في المنطقة. هذا التصاعد في النفوذ الصيني يأتي في وقت حساس، حيث تحاول الولايات المتحدة حماية مصالحها في المنطقة، وسط تساؤلات حول السيناريوهات المحتملة في حال تمكنت إسرائيل من القضاء على المقاومة في غزة. ووفقاً للعمري، إذا تحقق هذا السيناريو، فسيكون نجاحاً كبيراً لمشروع الرئيس الأمريكي جو بايدن المتعلق بالممر الهندي الأوروبي، وهو مشروع يهدف إلى احتواء المشروع الصيني والسيطرة على موارد الطاقة في شرق المتوسط، خاصة في ظل وجود بئرين من أكبر احتياطيات الغاز في المنطقة مقابل غزة.
وفي سياق حديثه عن تحركات الولايات المتحدة في المنطقة، أشار العمري إلى أن الولايات المتحدة كانت تسعى، حتى قبل بداية الأحداث الأخيرة في غزة، إلى إطلاق يد تنظيم “داعش” مجدداً على الحدود السورية العراقية، مع تحضيرات لاستهداف دول المنطقة. وأوضح أن مشاركة جبهات الإسناد مع غزة في هذه الأحداث حالت دون تنفيذ هذا المشروع الكبير الذي كانت تخطط له واشنطن.
أما بشأن إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن رد حاسم على التصعيد الأوكراني الخطير واستهداف مدينة كورسك، فقد أكد العمري أن الهجوم على كورسك هو عمل غربي بامتياز، بمشاركة كاملة من دول الغرب. واعتبر أن مثل هذا الانتهاك لأكبر دولة في العالم من قبل الدول الغربية يعطي لروسيا الحق في الرد باستخدام الأسلحة النووية التكتيكية، خاصة في ظل توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا. وأشار إلى أن أوروبا تشعر بالقلق من احتمالية عودة دونالد ترامب إلى السلطة، مما قد يعمق الفجوة بين الولايات المتحدة وروسيا، وهو ما تسعى إليه واشنطن لتعزيز سيطرتها على أوروبا.
كما لفت العمري إلى أن توطيد العلاقات الروسية الأوروبية في الفترة السابقة أدى إلى دخول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في حالة من الثبات العميق، مما أثر سلباً على مشروع “مارشال” للسيطرة على أوروبا. وتساؤل العمري حول ما إذا كانت لدى روسيا معلومات تفيد بأن الغرب هو من قاد الهجوم على كورسك، ولماذا حدث هذا الهجوم بعد تسليم أوكرانيا طائرات “إف-16” الأمريكية.
وفي ختام حديثه، أشار العمري إلى أن العديد من الدول الأوروبية بدأت بفتح قنوات اتصال مع روسيا بعد أن عانت من أزمات اجتماعية واقتصادية نتيجة قطع علاقاتها مع موسكو. هذا التحول في العلاقات يأتي في وقت حساس بالنسبة للولايات المتحدة، التي تسعى جاهدة للحفاظ على نفوذها في أوروبا ومنع أي تقارب روسي أوروبي يمكن أن يهدد مصالحها الاستراتيجية.
في النهاية، يعكس حديث محمد العمري تعقيد المشهد الدولي الحالي، حيث يتشابك الصراع الأوكراني مع مصالح القوى الكبرى، ويمتد تأثيره إلى مناطق مختلفة من العالم، مما يزيد من أهمية المتابعة الدقيقة لتطورات هذا الصراع وتداعياته على الساحة الدولية.