في حديث خاص لشبكة شام نيوز على أثير إذاعة ميلودي إف إم، قدم المحلل السياسي مصطفى المقداد رؤية تحليلية حول زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى واشنطن والتداعيات التي خلفتها على الأوضاع في غزة. أكد المقداد أن هذه الزيارة شكلت منعطفاً حاداً في السياسة الأمريكية تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، مشيراً إلى أن نتنياهو لم يكن ليجرؤ على اغتيال شخصيات قيادية في حزب الله وحركة حماس لو لم يكن مسنوداً بدعم أمريكي واضح، تجسد في تصريحات وأفعال تتناقض مع الموقف الرسمي المعلن.
وأوضح المقداد أن المساعدات الأمريكية العسكرية لإسرائيل زادت بشكل ملحوظ، بما في ذلك تزويدها بقنابل قادرة على اختراق تحصينات عميقة، مما يعكس نية واضحة لتمكين إسرائيل من تصعيد عملياتها ضد الفلسطينيين في غزة. تساءل المقداد حول دوافع الولايات المتحدة لتأييد وقف إطلاق النار حالياً، ليجيب بأن الأسباب ترتبط بشكل كبير بالاعتبارات الانتخابية لكل من نتنياهو والإدارة الأمريكية، حيث يسعى كلاهما لاسترضاء اللوبيات الداعمة لإسرائيل.
لفت المقداد النظر إلى التغيرات الجارية داخل المجتمع الأمريكي، خاصة في الجامعات حيث بدأت تظاهرات مؤيدة للفلسطينيين تظهر حتى في الجامعات التي كانت تعتبر معاقل للصهيونية. هذا التحول، وإن كان بطيئاً، قد يؤدي إلى تغييرات جوهرية في العقيدة الفكرية للشباب الأمريكي، وهو ما يثير قلق نتنياهو الذي يخشى من فقدان الدعم الأمريكي المستقبلي.
أما فيما يتعلق بمستقبل الصراع بعد فشل جولة المفاوضات في القاهرة، فقد أشار المقداد إلى أن يوم الأربعاء القادم قد لا يحمل الكثير من التفاؤل ما لم يكن هناك ضغط جاد على نتنياهو. وأكد أن نتنياهو يعي جيداً أن موافقته على وقف إطلاق النار والانسحاب من غزة قد تعني نهاية مسيرته السياسية، وحتى محاكمته وسجنه.
وحول العلاقات بين أوروبا وأمريكا، أكد المقداد أن أوروبا الغربية تبدو اليوم تابعة تماما للسياسات الأمريكية، حيث تفتقر إلى القادة الذين يمتلكون رؤية وطنية مستقلة. وقارن بين الوضع الحالي وبين فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، حين كانت أوروبا تمتلك زعماء من طراز هلمت كول وديغول، الذين تحدوا الهيمنة الأمريكية وأظهروا للعالم جرأة في الدفاع عن استقلالية أوروبا.
وأشار المقداد إلى أن التطور الاجتماعي الذي شهدته أوروبا قد تراجع بشكل كبير، حيث تصاعدت النزعات العنصرية داخل المجتمعات الأوروبية وبرزت توجهات معادية للأفارقة والعرب وغيرهم. وأكد أن هذه التوجهات تمثل تراجعا خطيرا عن القيم التي كانت تعتز بها أوروبا كالتوازن والمساواة بين الشعوب.
في الختام، أكد المقداد أن إسرائيل، برغم كل ما تحققه من مكاسب عسكرية في غزة، تظل عاجزة عن فرض حل دائم للصراع، وأن هذا العجز يعكس فشل السياسة الإسرائيلية في تحقيق أهدافها عبر القوة، وهو ما قد يؤدي إلى تعميق الأزمة على المدى الطويل.