إعلام العدو
صحيفة معاريف: 30/8
إسرائيل تسير إلى الهاوية..ونحن نتصرف كمشاهدين
بقلم: ألون بن دافيد
أصبح الإسرائيليين الذين أدمنوا مشاهدة أفلام الكوارث الرائجة في السبعينيات والثمانينيات، ممثّلين في فيلم حقيقي من أفلام الكارثة، لكنهم لم يدركوا ذلك بعد، ويواصلون التصرف كمشاهدين. ورغم أن الجمهور في “إسرائيل” يستمع إلى التقرير اليومي عن المزيد من الجنود الذين سقطوا في حرب لن تنتهي أبدا، يواصل حياته الطبيعية، ويشاهد “إسرائيل” وهي تندفع نحو الهاوية، ويتصرّف كما لو كان خارج سيارة على وشك الاصطدام بالجدار.
منذ شهرين ونحن نقترب من مفترق طرق استراتيجي على شكل حرف (T) : الانعطاف نحو اليمين يؤدي بنا إلى صفقة تبادل أسرى ولو جزئية، ووقف الحرب في غزة، واحتمال التوصل إلى تسوية في الشمال وفي المنطقة كلها. أما الانعطاف نحو اليسار فيؤدي إلى التخلي عن الأسرى والسير المؤكد نحو حرب إقليمية واسعة. لكن، يجدر بهؤلاء المشاهدين، الذي كانوا مشغولين بالهاتف طوال هذا الأسبوع، أن يرفعوا أعينهم ويفهموا أننا قد اخترنا الانعطاف بالفعل، ولكن ليس في الاتجاه الصحيح.
الأميركيون، يؤدون دور المضيفات، ويواصلون طمأنة الركاب وإخبارهم أنها مجرد جيوب هوائية، وأن كل شيء سيكون على ما يرام قريبا، ولكن قبطاننا (نتنياهو) اتخذ بالفعل القرار، وحوّل الطائرة إلى الجبل. فتعنّت نتنياهو وإصراره على البقاء إلى الأبد في محورَي “فيلادلفيا” و”نتساريم”، يمنع أي فرصة لصفقة تبادل الأسرى، ويؤدي إلى مناوشات إقليمية واسعة وإلى حرب لا تنتهي في غزة.
التحليل الإقليمي قاتم، لكن التهديد الأخطر لا يأتي من لبنان أو إيران، بل من الداخل، مع وجود فوضويين متهورين في الحكومة، تحوّلوا إلى آلية منظّمة لتفكيك المؤسسات التي لم تمتثل لمشيئتها حتى الآن، وسحقها، من خلال الهجوم الدائم على الجيش والشاباك والموساد.
وإذا كان الـ7 من أكتوبر بداية تفكّك إسرائيل وشرارة الحرب مع المحيط كله، فإنهم بدلاً من الصلاة لوقف ذلك، يفعلون كل شيء لتسريعه. لذلك، يتعين قادة الأجهزة الأمنية ألا يقولوا بهدوء ما يجب الصراخ به فقط، بل أن يجعلوا أصواتهم مسموعة ويوقظوا الجمهور الإسرائيلي الذي يغفو مثل ضفدع في وعاء ماء.
رئيس الحكومة اختار هذا الأسبوع استمرار الحرب، في كلّ الجبهات. وكعادته، على الدوام، لا هو أو أي أحد من عائلته سيدفع الحساب لقاء هذا الاختيار، بل نحن سندفع ثمن ذلك.
ترجمة: غسان محمد