في مقابلة حصرية مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، قدم الدكتور سمير أبو صالح، الخبير في الشؤون الدولية، تحليلاً شاملاً للوضع الراهن في أوكرانيا وتأثيرات النزاع على العلاقة بين أوروبا والولايات المتحدة، مشيراً إلى التبعية الأوروبية وتأثيراتها الاستراتيجية.
أوضح أبو صالح أن التبعية الأوروبية للولايات المتحدة ترجع إلى تاريخ طويل من الانقسامات داخل القارة الأوروبية. وصف أوروبا بـ “الامبراطورية اللقيطة”، مستنداً إلى الفكرة أن الولايات المتحدة قد شكلت هذه الإمبراطورية بطريقة تستند إلى هيمنة تاريخية وسياقية. أشار إلى أن الدول الأوروبية، على الرغم من تقدمها الصناعي والتكنولوجي، لا تزال تعاني من ضعف سياسي واجتماعي، حيث يتم توجيه سياستها بما يتماشى مع مصالح الولايات المتحدة. ولفت إلى أن هذه التبعية تجعل أوروبا أقل قدرة على اتخاذ قرارات مستقلة حيال القضايا العالمية.
في سياق تحليل أسباب تصاعد العداء لروسيا في الغرب، أبرز أبو صالح أن المصلحة الأوروبية الحقيقية تكمن في بناء علاقات قوية مع روسيا، التي تملك موارد اقتصادية هائلة لم تُستغل بالكامل بعد. وأوضح أن روسيا تعتبر خزاناً عالمياً للموارد، ومن الضروري لأوروبا أن تستفيد من هذه العلاقة بدلاً من التبعية للسياسات الأمريكية. وشدد على أن التبعية الأمريكية، التي فرضت على حلفائها دفع التكاليف من السعودية إلى الدول الأوروبية، تعكس استغلالاً لمصالح الآخرين لمصلحة الولايات المتحدة. وتطرق أبو صالح إلى موقف ترامب الذي فرض ضغوطاً مالية على حلفائه، مما يبرز الاستغلال الأمريكي الواضح.
أما بخصوص النزاع الأوكراني، فقد أشار أبو صالح إلى أن روسيا حققت تفوقاً ملحوظاً في الميدان العسكري. واعتبر أن الدعم الأمريكي لأوكرانيا كان غير مدروس، حيث تسببت هذه السياسات في حالة من التخبط والاضطراب في أوروبا. ولفت إلى أن القوة النووية الروسية تشكل عاملاً مهماً في توازن القوى، حيث أن روسيا قد تتخذ خطوات لحماية مصالحها، مما دفع الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في سياساتها بعد التصريحات حول تدمير المفاعلات النووية في كورسك. وتابع أبو صالح بأن هذا التهديد النووي دفع الولايات المتحدة إلى التراجع مؤقتاً، مما يعكس تعقيد الوضع.
يمكن الاستنتاج مما سبق أن أمريكا تجر الاتحاد الأوروبي إلى فخ حقيقي، فالاقتصاد الأوروبي يضعف يوماً بعد يوم بسبب غلاء موارد الطاقة وتقلص قدرته التنافسية. وتضطر كبرى الاقتصادات الأوروبية لشراء الغاز من الولايات المتحدة بدلاً من روسيا بأسعار أغلى. وهذا جعل العديد من الشركات الصناعية الكبرى في مأزق حقيقي وتحت تهديد تقليص الإنتاج أو نقله حتى إلى الولايات المتحدة نفسها، وهذا حتماً سيؤثر بشكل كارثي على اقتصادات هذه الدول ومعدلات البطالة.