تعد الضفة الغربية الآن محور اهتمام الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة، التي كانت تسعى لضمها بشكل كامل إلى الإدارة المدنية وإنهاء الوجود الفلسطيني فيها. وفق تصريح الدكتور عبد السلام في حديثه لشبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، كانت الضفة في رأس أولويات هذه الحكومة حتى قبل السابع من أكتوبر. إلا أن هجوم طوفان الأقصى قلب المعادلة، وحوّل الأنظار إلى قطاع غزة، حيث شنت إسرائيل حملة عسكرية واسعة. مع ذلك، بقيت الضفة الغربية على صفيح ساخن، ويعتبرها الاحتلال برميل بارود قد ينفجر في أي لحظة. تعاني الضفة من التوسع الاستيطاني السريع، إذ يعيش فيها ما بين 800 ألف إلى مليون مستوطن، وتتمركز المستوطنات في المنطقة “سي” وفق تقسيم اتفاقية أوسلو.
تعاني الضفة الغربية من واقع مركب ومعقد؛ فمن جهة تُمارس إسرائيل عمليات اقتحام واعتقالات يومية، ومن جهة أخرى تشهد ممارسات استفزازية عبر اقتحام المسجد الأقصى المتكرر، والذي كان آخره الإعلان عن نية بناء كنيس يهودي داخله. هذه الأوضاع فاقمت الغليان الشعبي ودفعت بالمقاومة الفلسطينية إلى تبني أساليب قتالية متطورة، تتراوح بين عمليات دهس وطعن إلى استهدافات بإطلاق النار، وصولا إلى عمليات استشهادية كتلك التي استهدفت تل أبيب وأخرى في مناطق الخليل.
تصاعدت أعمال المقاومة في الضفة، وانتشرت بشكل ملحوظ، ما دفع إسرائيل إلى استخدام الطائرات بشكل غير مسبوق في العمليات العسكرية داخل الضفة. المقاومة ردت بإعادة تفعيل سياسة العمليات الاستشهادية، التي كانت متوقفة لأكثر من عقدين. هذا النوع من العمليات، وفق تحليل الدكتور عبد السلام، سيشكل تحدياً جديداً لإسرائيل وسيدفعها لموجة هجرة جديدة بين المستوطنين الذين يعانون أصلاً من حالة قلق شديد.
كما بدأت دعوات من الفصائل الفلسطينية لإشعال انتفاضة ثالثة تشمل كل فلسطين، بما فيها مناطق الـ1948. هذه الدعوات كانت أكثر ما يخشاه الكيان الإسرائيلي، الذي عمل جاهداً على فصل الضفة الغربية عن غزة وعرب الـ1948، لكن الوضع الراهن يبدو مهيئاً لمزيد من التصعيد.
من ناحية أخرى، يُلاحظ أن جبهة الشمال لم تظل صامتة، فقد فتحت جبهة حزب الله في لبنان منذ اليوم الثاني لعملية طوفان الأقصى. توسعت الهجمات لتصل إلى مناطق ما بعد حيفا والجولان السوري المحتل، وأكدت تسريبات إسرائيلية أن أكثر من 7500 صاروخ أُطلق خلال هذه الفترة. وبالرغم من القوة العسكرية الإسرائيلية الكبيرة، من حاملات طائرات وغواصات نووية، إلا أن الرد الفعّال من المقاومة أثبت أن ميزان القوى في المنطقة لم يعد محسوماً لصالح الاحتلال كما كان في السابق.
الدكتور عبد السلام يرى أن هذه الحرب ليست دفاعية كما تزعم إسرائيل، بل هي حرب هجومية تهدف إلى التخلص من كل أعداء الكيان. نتنياهو يستغل الدعم الأمريكي المطلق في ظل إدارة بايدن، التي قدمت شيكاً على بياض لإسرائيل. هذا الدعم لن يختفي حتى في حالة فوز ترامب، بل قد يجد الأخير نفسه مضطراً إلى مواصلة الحرب التي قد تمتد لعام أو أكثر، ما سيصب في مصلحة نتنياهو الذي يسعى لضمان بقاء إسرائيل في قلب الصراعات الإقليمية.