دخلنا شهر أيلول وبدأت الاسرة السورية تتحضر لمواجهة الضغوط لجهة تأمين المستلزمات المدرسية والمؤن السنوية في ظل اوضاع معيشية صعبة واسعار ملتهبة، وفي ظل ازمات نقل متلاحقة تزيد من هموم الاسرة السورية لجهة نقل ابنائها الى المدارس والجامعات.
هل من المنطقي أن يضيع الطالب عدة ساعات يوميا لتأمين وسيلة نقل في ظل عجزه عن تامين سكن قريب من الجامعة او المدرسة!
اليوم تعاني قرى الارياف في كافة المحافظات السورية، من قلة وسائل المواصلات العامة التي تربطهم بالمدينة، والضرورية لنقل الموظفين والطلاب وبقية المواطنين.
كما إن قطاع النقل يعاني من فوضى كبيرة “بدون حسيب أو رقيب”، حيث تفتقر العديد من القرى لأي وسيلة نقل، مشيرة إلى أن الوسيلة الوحيدة لتنقّل الموظفين والطلاب -إلى جانب السير على الأقدام- اقتصرت على الدراجات النارية.
القضية ليست متعلقة بتوفر وسيلة النقل فقط ولكن هناك جانبين اخرين الاول متعلق بكلفة النقل والثاني متعلق بجودة وانسانية وسيلة النقل ذاتها.
فيما يتعلق بالكلفة ارتفعت كلفة النقل بحيث باتت تقاسم المواطن السوري لقمة عيشه فتكلفة النقل مثلا بين المدن والارياف ومراكز المحافظات تتجاوز 10000 ليرة للمرة الواحدة وبالتالي يمكن ان تستنزف ميزانية الاسرة السورية كاملة لفرد واحد احيانا.
العامل الثاني متعلق بجودة وانسانية وسائل النقل هنا نميز بين وسائل النقل على الخطوط القصيرة وهي السرافيس وهي بغنى عن أي شرح يتعلق بوضعها الفني السيء اضافة الى نقل الركاب بشكل يفوق الطاقة الاستيعابية للسرفيس خاصة في ساعات الذروة بشكل لا انساني ولا حضاري.
اما وسائل النقل على الخطوط الطويلة يمكن ان تكون افضل الى حد ما ولكن قضية التنظيم غائبة فانت يجب ان تبحث عن رقم سائق او مالك فان خاصة خارج المدن الكبيرة , وبالنسبة للبولمانات تكون قضية التنظيم افضل ولكن الكلفة ايضا عالية اضافة لموضوع كثرة اعطالها على الطرقات.
اليوم ونحن على اعتاب بدء العام الدراسي وتدفق مئات الاف الطلاب والمدرسين بين مختلف المناطق ما هو الحل الامثل لمعالجة مشكلة النقل في سورية!
إذا عدنا بالزمن الى مطلع التسعينات نجد ان سورية كانت تواجه ازمة نقل خانقة في الثمانينات وكان عشرات الطلاب والمدرسين ينتظرون سيارة بيك اب لنقلهم ولكن الحكومة استطاعت عبر قانون الاستثمار رقم 10 في حينه اطلاق عشرات شركات النقل التي حولت مشاكل النقل الى حدود الارقام الصفرية.
اليوم نحن مطالبون بحركة مماثلة لحل ازمة النقل ولكن كيف؟
البداية تكون عبر دراسة الية واقعية لجذب استثمارات لقطاع النقل ولتكن ادخال شركات ومنحها اعفاءات مقابل تسيير رحلات منتظمة بين مراكز المدن الاساسية والمحافظات وبمواصفات نوعية مريحة وفي هذه الحالة سيضطر اصحاب السرافيس للعمل على الخطوط القصيرة والقرى وبالتالي سيصبح هناك تنافس في النوعية .
إذا كانت الظروف حاليا لا تسمح لشركات جديدة يمكن اعادة احياء شركة الكرنك والنقل الداخلي عبر منظومة نقل متكاملة تبدأ بتجميع اليات النقل الجماعي المملوكة لشركات القطاع العام ودراسة خطوطها ومن ثم تقوم شركة الكرنك والنقل الداخلي بتولي المهمة بشكل مباشر لجذب وتوصيل العمال ضمن خطة متكاملة وخلال بقية الاوقات من اليوم تعمل على الخطوط الداخلية وهنا نكون حققنا عدة فوائد اولها تخفيف تكاليف الصيانة على الجهات العامة من خلال تحقيق دخل مقبول يغطي الصيانة ومن جهة اخرى تقديم خدمة النقل بكلفة معقولة وبشروط انسانية ومن جهة اخرى تخفيف مصاريف النقل عن كاهل الحكومة السورية.
اخيرا نقول في ظروف كالتي مررنا ونمر بها معالجة أي اشكالية تتطلب قرارات جريئة قد لا تلاقي الشعبية في البداية ولكن حكما مع الزمن سيعرف المواطن حجم فوائدها عليه.
د.عدنان صلاح إسماعيل