تعتبر رياض الأطفال مرحلة تسلسلية المعارف والمهارات وفيها يكتسب الطفل المفاهيم والاتجاهات والميول وتتكون خبراته اللغوية والشخصية والاجتماعية وطبعاً التعليمية، لأنها بوابة الطفل لدخول عالم المعرفة والإلمام بكل شيء يخص العلم.
غلاء أقساط
تتحدث كنانة وهي أم لطفلين في مرحلة رياض الأطفال أنها لا تستطيع تسجيل الطفلين في الروضة نظراً لغلاء أقساطها، مبينة بأنها ستسجل الطفل الأكبر والذي يستعد لدخول الصف الأول بينما ستترك الآخر في المنزل لحين دخول أخيه المدرسة؛ مشيرة إلى أن اقساط الرياض مرتفعة جداً أقل قسط مدرسي 12 مليون وأنا ليست لدي القدرة على ذلك.
أما أم هادي فهي الأخرى لديها طفل بعمر ٤ سنوات و لا تستطيع تسجيله للسنة الثانية على التوالي فقد فضلت تدريسه بعض الكلمات والمفردات والأرقام في المنزل لحين بلوغه خمس سنوات فهي مجبرة حينها بتسجيله في الروضة مهما كان قسطها مبينة أن الأقساط مرتفعة تبدأ من ٨ ملايين من دون وسيلة نقل وتزداد كلما كانت خدمات الروضة (سوبر) .
تسويف وتأجيل
الاستشارية التربوية ربا ناصر بينت لتشرين في ظل الظروف الاقتصادية التي يمر بها مجتمعنا؛ وهنا يجب أن أعرج على موضوع غلاء أقساط رياض الأطفال الخاصة وطبعاً الأهل لايمكنهم أن يهملوا لقمة العيش والملبس والضروريات الأساسية من أجل مرحلة الروضة فيعمدون إلى تسويف وتأجيل دخول أطفالهم الروضة حتى عمر خمس سنوات وهنا تكمن الصعوبة؛ لأن الطفل يكون بحاجة للاندماج مع مجتمعه الجديد في الروضة والانفصال عن بيئته وأسرته والانغماس في العلم من دون أن يكون له تجارب سابقة وينصدم بالمستوى المتقدم لأصدقائه الذين هم يرتادون الروضة منذ صغرهم وهذا يؤثر على شخصية الطفل وثقته بنفسه وطريقة إجابته على أي سؤال تقويمي من المعلمة في أي خبرة كانت؛ وطبعاً نسمع الكثير من الأمهات في دردشاتهن الصباحية يقولن لن أرسله للروضة سأعلمه في المنزل !
استشارية تربوية: الطفل بحاجة للاندماج مع مجتمعه الجديد والانفصال عن بيئته
من وجهة نظري الشخصية أقول لها: لن تجدي وقتاً، وإن وجد فستعطيه بطريقة تلقينية بحتة تفتقر إلى الدروس النموذجية الصفية.
أهمية الرياض
وهنا تشير ناصر إلى أهمية الرياض التي تكمن في تشغيل حواس الطفل واستجابته وتجاوبه مع المعلمة والدرس والطلاب فأين التنافس للإجابة، أين اللهفة ليصفق له أصدقاؤه، أين التشويق لينهي واجبه ولتعززه المعلمة لفظياً أو معنوياً؟
كل هذا والكثير من السلوكيات والآداب التي يجب أن يتعلمها طفلك لن يكتسبها إلا من الرياض لأن الطفل لديه نزعة فطرية ليلفت نظر الغرباء ويتقرب ويتودد لهم فمابالك لو كانت معلمته اللطيفة الجميلة الودودة وهنا لابد لي من الإشارة إلى أن الأم ستبذل قصارى جهدها وتقضي أوقاتاً طويلة عندما يعود ابنها من الروضة؛ (طبعاً نتكلم عن طفل لم يدخل الرياض مبكراً) أمه وأسرته سيدفعان الثمن بتأخره عن زملائه لذلك ستندم الأم وتقول ياليتني أدخلته المرحلة التمهيدية ليتعلم مسك القلم ويتقن المهارات والأساليب الصحيحة في كتابة الحروف والأرقام .
برامج الانترنت
وبحسب ناصر فإن الكل هنا يتبادر إلى ذهنه أننا يمكننا الاستفادة من برنامج الانترنت والكمبيوتر لإدخال معلومات ومهارات للطفل وطبعاً هذا صحيح فهنالك تطبيقات تعلم الأطفال الصغار تصنيف الأشياء والألوان والعدد والمعدود والفواكه والخضار والأشكال والخطوط والحروف وتطبيقاتها وبصوت طفولي ورسومات جميلة مميزة وتساهم في جذب الطفل وتعليمه بيتياً بشكل علمي حسي وتساعده على الإجابة الصحيحة وتدله عليها إن أخطأ وأنا أفضل هكذا برامج لأنها تثقف وتنمي المهارات وتزيد المعارف وتجعل الطفل متحدثاً بالفصحى وتملأ وقته بما هو مفيد ولايهم إن كانت الأم مشغولة فهي مرتاحة لأنها برامج تعليمية تأسيسية.
معاناة داخل القاعة
أما بالنسبة لمعلمة الروضة فهي تعاني ماتعانيه داخل قاعتها الصفية لكن أكثر مايميز مشكلاتها هي الفروق الفردية وخصوصاً بين الذكور والإناث، فالذكور دائماً ميالون لتضييع الوقت وإهداره والتحجج والتأفف من الدراسة؛ أما البنات فهم أكثر انضباطاً في التعليم وأكبر التزاماً فهن يحببن أن يتميزن ونادراً مانرى فتاة لا تحب الدراسة؛ ومن المؤكد يكون على معلمة الروضة مهمة إزالة أي فروق تعليمية بين الأطفال لذلك تراها تقوم باتباع استراتيجيات جديدة وتقسيم الصف إلى فريقين ووضع هدايا لمن سيجيب على أسئلتها بسرعة وبشكل صحيح؛ وتستخدم أسلوب المناقشات والعصف الذهني وتعزز دائماً الناجحين. هذا يدفع الأطفال للتنافس والدراسة والظهور بمظهر المتفوقين وبالتالي تزيد دافعيتهم للتعلم وتزال الفروق بينهم وطبعاً يبقى عالم الطفل عالم واسع وكبير ومشاكله لاتنتهي لكنها بسيطة بالنسبة لعالمنا المعقد.