في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، أشار الدكتور إليان مسعد، الرئيس المنتخب للوفد المعارض في الداخل لمفاوضات جنيف، إلى الأبعاد الخفية لدعوة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتشكيل تحالف ثلاثي بين تركيا، مصر وسوريا لمواجهة ما وصفه بالتهديد الإسرائيلي.
يرى الدكتور مسعد أن كلا الرئيسين، أردوغان والسيسي، يعيشان أزمات داخلية معقدة تدفعهما للبحث عن تحالفات إقليمية لتخفيف الضغط الشعبي. فهو يؤكد أن الرئيس المصري زار تركيا وهو في حالة أزمة، بينما يعاني أردوغان أيضا من أزمة كبيرة. ورغم الأزمات التي تعاني منها الأطراف الثلاثة، إلا أن فكرة التحالف بينهم تبدو أشبه بمحاولة لحل المشاكل الداخلية أولاً، أكثر منها تحالفا لمواجهة تهديد خارجي مشترك.
يشير الدكتور مسعد إلى أن الإسلام السياسي يشكل حمولة زائدة في تركيا، حيث يتواجد الكثير من اللاجئين المنتمين لهذا التيار من مصر وسوريا وليبيا وحتى الجزائر. كما أن المعارضة الداخلية في مصر، التي لها امتداد في اللاجئين، تشكل عبئا على النظام المصري. وبالتالي، يرى الدكتور مسعد أن هذه التحالفات تأتي كمحاولة لتخفيف الضغط على هذين النظامين في المقام الأول.
وفي حديثه عن الرغبة في التخلص من جماعة الإخوان المسلمين، يشير مسعد إلى أن كلا الرئيسين، أردوغان والسيسي، لن يعلنا بشكل صريح أن تحالفهما يهدف إلى التخلص من حلفائهما السابقين. فمنذ عام 1936، كان الإسلام السياسي دائما جزءا من اللعبة السياسية، وإن كان قد خرج عن السيطرة في بعض الأوقات. هنا يأتي الخلاف مع الدولة العميقة، كما حدث مع الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي.
وفي سياق أوسع، يرى مسعد أن التحالف المصري التركي يهدف إلى مواجهة اليمين الإسرائيلي الذي يسعى لاستغلال الظروف الدولية المضطربة، مثل الحرب في أوكرانيا والانتخابات الأمريكية، لتصفية حساباته مع الأطراف الفلسطينية، اللبنانية وحتى السورية. إسرائيل، بقيادة نتنياهو، ترى في هذه المرحلة فرصة لتصفية الملفات العالقة منذ عقود، ولن تتردد في إشعال صراعات إقليمية ومحلية لتحقيق أهدافها.
يؤكد الدكتور مسعد أيضا أن تركيا ومصر تحاولان استغلال هذه اللحظة لاستدراج سوريا إلى التحالف الثلاثي المقترح، خاصة بعد الدعم الروسي والإيراني لهذا التوجه. ولكن من وجهة نظره، سوريا لن توافق على هذا التحالف لأنه يمثل تهديدا للأمن القومي السوري. وأكد أن الحكومة السورية تدرك تماما المخاطر المحتملة، وأنها لن تسمح بأن تُجر إلى محاور جديدة قد تقودها إلى نزاعات أخرى.
أما فيما يخص تغيير تركيا لموقفها من سوريا، فقد أشار الدكتور مسعد إلى أن هذا التغيير ليس حديثا. فالاتراك، حسب قوله، يعملون منذ سنوات على إعادة العلاقات مع دمشق، بدعم وضغط روسي مستمر. اتفاق سوتشي بين روسيا وتركيا كان الأساس لتفاهمات ميدانية في سوريا، ولكن الرئيس التركي أردوغان أخل بهذا الاتفاق في اللحظات الحاسمة، ما أدى إلى تعقيد الموقف. الحكومة التركية أرسلت مئات الطائرات المسيرة لتوقف تقدم الجيش السوري نحو إدلب، ما يشير إلى أن أنقرة ما زالت غير جاهزة للالتزام بتعهداتها.
كما عبر الدكتور مسعد عن شكوكه العميقة تجاه نوايا تركيا في الشمال السوري. فهو يعتقد أن الحكومة التركية تحاول المناورة سياسيا لتحويل المكاسب الميدانية إلى مكاسب سياسية. ولكن على الرغم من جهود أنقرة لتوحيد الفصائل المسلحة تحت سيطرتها، إلا أنها تواجه معارضة داخلية وخارجية متزايدة تعيق تقدمها.
يرى الدكتور مسعد أن التحالفات التي تحاول تركيا ومصر تشكيلها هي جزء من لعبة إقليمية ودولية معقدة، تتداخل فيها المصالح المحلية والإقليمية مع الضغوط الدولية. ولكن هذه التحالفات، برأيه، لن تصمد طويلا أمام الحقائق الجيوسياسية الصعبة، ولن تحقق الاستقرار المنشود للمنطقة.