في تحليل للأحداث الجارية في المنطقة، أشار الدكتور سليم خراط، الباحث والمحلل السياسي، خلال مقابلة أجراها مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، إلى تعقيد أوضاع الصراع بين إيران وإسرائيل. أكد خراط أن الضربات الصاروخية الإيرانية الأخيرة تأتي في إطار معادلة إقليمية ودولية دقيقة، حيث تلعب إيران دورا محوريا في ملفات عدة بالمنطقة، وهي شريك وحليف مهم بالنسبة لسوريا. إلا أن هذه الضربات لا يمكن فصلها عن السياق الأشمل للصراع الجيوسياسي والدولي الذي تعيشه إيران في الآونة الأخيرة، خاصة بعد مقتل عدد من الشخصيات المحورية في صفوف حلفائها.
شدد خراط على أن إيران، رغم الضغوط الهائلة التي تتعرض لها، لا تستطيع إلا أن يكون لها رد على الضربات الإسرائيلية، حيث تواصل المفاوضات مع أطراف دولية عدة مثل الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا. وأوضح أن الملف النووي الإيراني يظل حاضرا في الكواليس، وهو ما يضعها أمام تحديات كبيرة خاصة في ظل الاتهامات المتزايدة التي تواجهها من أنها باعت حلفاءها في المنطقة.
من جهة أخرى، تحدث خراط عن واقع يشهد إعادة تشكيل لخرائط النفوذ عبر مشروع “سايكس بيكو المذاهب”، وهو مخطط يهدف لتقسيم المنطقة على أسس طائفية ودينية، مشيرا إلى أن إيران تجد نفسها اليوم أمام خيار لا بد منه للرد على هذه المحاولات. في هذا السياق، اعتبر أن الضربات الإيرانية الثلاث التي استهدفت قواعد عسكرية إسرائيلية، بما في ذلك مطار، تأتي في إطار إثبات قدرتها على ردع الخصوم وتأكيد جدية موقفها في الصراع.
على صعيد آخر، تطرق خراط إلى تأثير الضربات الإيرانية على الكيان الإسرائيلي، حيث اعتبر أن هذه الضربات لم تفقد إسرائيل قوة الردع فحسب، بل أضعفت ثقة المستوطنين بجيشهم. وأضاف أن المقاومة الإسلامية نجحت خلال العقود الثلاثة الماضية في إثبات هشاشة الكيان الصهيوني على جميع المستويات. ورغم الجهود الأمريكية والفرنسية لتعطيل التدخلات الإيرانية، إلا أن إيران كانت تعلم تماما إلى أين ستصل من خلال هذه الخطوات.
المحلل السياسي أوضح أن حزب الله كان على جهوزية تامة، واستطاع إدارة الأمور بحكمة وتوازن، حتى في ظل الانتصارات الإسرائيلية المزعومة. وفي هذا السياق، أشار خراط إلى صراع كبير في الكواليس بين إيران وحلفائها حول الخطوات المقبلة. وخلص إلى أن إيران الآن تقف عند مفترق طرق، إما أن تثبت نفسها كحليف استراتيجي للقضية الفلسطينية والشعوب العربية، أو أن تجد نفسها خارج اللعبة السياسية بالكامل.
تطرق خراط أيضا إلى مسألة استهداف حزب الله من قبل إسرائيل، مشيرا إلى أن الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، يعد شخصية أسطورية في المقاومة، وهو يشكل رعبا حقيقيا للمجتمع الإسرائيلي. وأكد أن المقاومة قد نجحت في كسر الغطرسة الإسرائيلية عبر سلسلة من العمليات الناجحة، بما في ذلك الكمين الذي أسفر عن مقتل وإصابة عدد كبير من الجنود الإسرائيليين.
في ختام الحديث، أكد خراط أن الرد الإسرائيلي على الضربات الإيرانية حتمي، مشيرا إلى أن إسرائيل ستعمل على تنفيذ ضربات موجعة بالتنسيق مع حلفائها في المنطقة. ولكن، يبقى السؤال حول كيفية التعامل مع تداعيات هذا التصعيد، خاصة في ظل التحالفات المعقدة التي تشكلت على مدار السنوات الماضية في الشرق الأوسط.