في مقابلة خاصة مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة ميلودي إف إم، ناقش الدكتور أسامة دنورة، المحلل السياسي، إخفاق بنيامين نتنياهو في تحقيق أهدافه الاستراتيجية رغم اللجوء إلى الاغتيالات. وأشار دنورة إلى أن الشارع الإسرائيلي عاد مجددا إلى التظاهر ضد نتنياهو، مطالبا بتنحيه. وطرح تساؤلاً حول ما إذا كان المزاج العام قد تغير بعد اغتيال السيد حسن نصرالله.
أوضح دنورة أن نتنياهو كان يأمل في استثمار حدث الاغتيال ليخلق مشهدا شبيها بلحظة الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن عندما أعلن “المهمة قد أنجزت” بعد احتلال العراق. بحسب دنورة، فإن نتنياهو كان بحاجة إلى نصر عسكري كبير، وربما خطط منذ أشهر لاستهداف قيادة حزب الله لتحقيق هذا الهدف. غير أن الحملة الإسرائيلية ضد قطاع غزة تعثرت وفشلت في تحقيق أي تقدم يذكر، مما جعل نتنياهو يسعى إلى تحفيز معنويات الرأي العام الإسرائيلي عبر هذه العملية.
رغم نجاح الاغتيال في إحداث تأثير معنوي محدود، إلا أن دنورة أكد أن هذه العمليات لم تحدث تغييرا حقيقيا في موازين القوى الاستراتيجية. مع مرور الوقت، سيزداد حجم الإخفاق، وستبدو العملية أقل فعالية مما تصورها الإسرائيليون في البداية. وبيّن أن نتنياهو لجأ إلى استخدام كل ما لديه من أوراق بما في ذلك اختراق الخطوط الحمر، ومع ذلك، النتائج على الأرض لم تتغير كثيرا.
وتساءل دنورة عن “الضوء في نهاية النفق”، مشيرًا إلى أن إسرائيل تخسر على جميع الأصعدة. على الصعيد الاجتماعي، يخسر الإسرائيليون الشعور بالأمن المجتمعي، كما يعاني الاقتصاد بشكل متزايد مع تدهور التصنيف الائتماني وإغلاق العديد من الشركات. بالإضافة إلى ذلك، تواجه إسرائيل نزوحا للكفاءات التقنية العالية التي تغادر البلاد بحثا عن فرص عمل أفضل في الخارج. أما فيما يتعلق بالقدرة العسكرية، فتتضاءل يوما بعد يوم، في ظل تحقيق المقاومة اللبنانية نجاحات متتالية تزيد من الضغط على نتنياهو.
فيما يتعلق بالحرب الطويلة، يرى دنورة أن نتنياهو، رغم فشله، تمكن من توحيد الإسرائيليين خلفه لفترة وجيزة بسبب الشعور بالخطر الوجودي بعد الهجمات التي تعرضت لها إسرائيل في السابع من أكتوبر. هذا الشعور بالخطر دفع الإسرائيليين إلى الاستمرار في دعم الحرب لفترة أطول مما كان متوقعا. غير أن هذا الدعم قد لا يستمر، خاصة في ظل النقص الحاد في الجنود، والذي دفع نتنياهو إلى استدعاء الحريديم للخدمة العسكرية، وهو أمر يعارضه الكثيرون في المجتمع الإسرائيلي.
على الصعيد السياسي، أكد دنورة أن الانقسامات بين المستوى العسكري والسياسي في إسرائيل أصبحت أكثر وضوحا. فبينما يعيد السياسيون المتطرفون طرح نظريات دينية توسعية مثل “من الفرات إلى النيل”، يبدي العسكريون واقعية أكبر في التعامل مع الأوضاع على الأرض. وفي هذا السياق، ذكر دنورة أن وزير الدفاع الإسرائيلي يضحك سرا على هذه الطروحات المتطرفة لأنه يعلم تماما أن الجيش غير قادر على تحقيق هذه الأهداف.
أما فيما يتعلق بالموقف الأمريكي، فأشار دنورة إلى أن التصريحات الأمريكية حول ضرورة وقف الحرب وحماية المدنيين ليست سوى محاولة للتضليل الاستراتيجي وذر الرماد في العيون. وأوضح أن هذه التصريحات تهدف إلى تخفيف التوتر وإيهام المقاومة بأن الحل الدبلوماسي قريب، في حين أن الولايات المتحدة قد تكون تعد العدة لتصعيد أكبر.
في النهاية، أشار دنورة إلى أن الولايات المتحدة والغرب بشكل عام لا يريدون نهاية للصراع في الشرق الأوسط. هذا الصراع المستمر يخدم مصالحهم في إبقاء المنطقة في حالة من الإعاقة التنموية والفكرية، مما يتيح لهم الهيمنة والسيطرة على مواردها. وأكد أن نتنياهو ومن يدعمه يسعون لإعادة إحياء الصراعات الدينية والأصولية في المنطقة، لضمان استمرار حالة الفوضى، وبالتالي تأخير أي نهضة تنموية في الدول العربية والإسلامية.