في حديثه لبرنامج المحلل عبر إذاعة ميلودي إف إم، عرض الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفعت يوسف تحليلاً لجهود الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإعادة العلاقات مع دمشق ودعوته للرئيس الروسي فلاديمير بوتين للجهود من أجل عقد لقاء عاجل مع الرئيس السوري بشار الأسد. أكد يوسف أن هذه الخطوة تعكس المخاوف التركية من وجود مشروع أمريكي يهدد تقسيم البلاد، حيث أشار إلى تصريحات مستشار وزير الدفاع الأمريكي التي تحدثت عن إعداد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) لعمليات داخل تركيا.
يوسف اعتبر أن التصريحات الأمريكية ترافقت مع الأحداث الأخيرة التي شهدتها المصانع الجوية في أنقرة، مشيراً إلى أن الأخطر بالنسبة لتركيا هو ما صرح به رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول مشروع كردستان الكبرى. هذه التصريحات جاءت بعد عرض نتنياهو لخريطة الحلف الإبراهيمي، وهو ما أثار قلق أردوغان. فتركيا، وفق يوسف، تشعر بالخطر الحقيقي نتيجة هذه التصريحات، خاصة وأن المشروع الذي تسعى له إسرائيل وكردستان الكبرى يهدد وحدة الأراضي التركية.
الكاتب لاحظ أن الموقف التركي قد تغير عن السابق. ففي الماضي، كان أردوغان يتحدث بفخر عن كونه نائب المدير التنفيذي لمشروع الشرق الأوسط الجديد. تركيا كانت تسعى لإعادة إحياء العثمانية الجديدة، ولكن بعد صمود سوريا على مدار السنوات الماضية، تغيرت الديناميات. يوسف أكد أن تركيا أدركت أن الصمود السوري كان له تأثير كبير على المشهد الإقليمي، إذ توقع الجميع أن تسقط سوريا في غضون أشهر، ولكنها أثبتت أنها قادرة على مواجهة التحديات.
وفيما يتعلق بطلب أردوغان للوساطة الروسية لعقد لقاء مع الأسد، أكد يوسف أن تركيا لم تعد تملك خيارات كثيرة، حيث استبق أردوغان هذا الطلب بتنفيذ عمليات عسكرية ضد بعض الفصائل المسلحة التي تتعارض مع مصالحه، مثل فتح معبر أبو الزندين. هذا التوجه يعكس إدراك تركيا لحاجتها الملحة لإعادة العلاقات مع سوريا، وهو ما يبدو أنه شرط أساسي لتعزيز استقرارها.
يوسف أشار إلى أن الرئيس التركي بدأ يدرك أن أحد الحلول للخروج من الوضع الحالي هو الصلح مع دمشق، وهو ما تجلى في دعوته لبوتين لتسهيل اللقاء مع الأسد. هذه الدعوات تأتي في إطار سعي أردوغان لتقوية موقف تركيا، خاصة في ظل التهديدات المتزايدة من المشاريع الإقليمية التي تتجاوز حدود بلاده. فهو يرى أن الخطوات العملية على الأرض ضرورية لتحقيق هذا الهدف، إذ يجب أن تستجيب سوريا لشروط معينة لتحقيق المصالحة.
كما اعتبر يوسف أن هناك احتمالية لعودة التواصل الدبلوماسي بين البلدين بعد فترة من الهدوء، خاصة مع تصاعد الأحداث في غزة والصراع مع الكيان الإسرائيلي. وقد تكون هذه المصالحات مرتبطة بتقدير تركيا لمخاطرها، حيث أن أردوغان بات يدرك أن الصلح مع سوريا يمكن أن يجنب بلاده الكثير من الأخطار.
في نهاية المطاف، تبقى تساؤلات مفتوحة حول مدى قدرة أردوغان على اتخاذ خطوات فعلية نحو دمشق، خاصة وأن الوضع السياسي قد يتطلب منه قرارات قد تبدو غير مريحة. لكن يوسف أعرب عن اعتقاده أن هناك إمكانية لتحقيق هذا الصلح في حال استمرت الظروف في الضغط على تركيا، مما قد يؤدي إلى خطوات عملية على الأرض في المستقبل القريب.