روسيا تؤكد خلال اجتماعات أستانا حول سوريا استعدادها لاستئناف الحوار مع واشنطن بعد انتخاب ترامب وتحذر من توسيع الحرب في الشرق الأوسط لتشمل سوريا…
هيمنت المناخات السياسية السوداوية في المنطقة جراء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعبين اللبناني والفلسطيني والاعتداءات على سوريا، واحتمالات توسع الحرب على الاجتماع الثاني والعشرين للدول الضامنة الثلاثة: روسيا وإيران وتركيا حول سوريا في كازاخستان. ومع أن سوريا تعيش عمليا تفاصيل وتداعيات هذا العدوان وهذه المناخات بسبب حركة النزوح الكبيرة التي نتجت عن العدوان على لبنان منذ 45 يوما، عدا عن الاعتداءات الإسرائيلية المكثفة على الأراضي السورية وقطع الطرق وقصف الجسور بين لبنان وسوريا بحجة منع تهريب أسلحة لحزب الله في لبنان، إلا أنها دمشق تحاول أن تتجنب توسيع الحرب وتعمل الحكومة السورية على تأمين متطلبات استضافة اللاجئين والمهجرين اللبنانيين والسوريين القادمين من لبنان بكل الوسائل الممكنة رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
رئيس الوفد الروسي إلى اجتماعات أستانا، مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، أكد أن روسيا ستبذل كل ما في وسعها لمنع امتداد أزمة الشرق الأوسط إلى سوريا. وأكد لافرنتييف أن روسيا غير معنية بتقديم أي ضمانات لإسرائيل لوقف عبور الأسلحة من سوريا إلى لبنان، وأشار إلى أن قصف المناطق القريبة من قاعدة حميميم الروسية في سوريا غير مقبول. وحذر لافرنتييف في مؤتمر صحفي في ختام اجتماعات أستانا من محاولات واشنطن زعزعة الاستقرار في المناطق الجنوبية في سوريا، وبخاصة السويداء، بسبب وجود قوات الاحتلال الأمريكية في قاعدة التنف. وأكد أن الولايات المتحدة تواصل تدريب الإرهابيين في سوريا وتواصل سرقة ونهب النفط السوري بحجة محاربة تنظيم داعش الإرهابي، مع أن الولايات المتحدة تحارب القوات السورية والإيرانية في المناطق الشرقية وليس داعش، وهذا يدفع إلى الفوضى لتبرير وجودهم.
وأشار لافرنتييف إلى أنه لا يمكن التعويل على أمريكا لمنع توسيع الحرب، معربا عن أمله في أن يفي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب الحليف المقرب من إسرائيل بوعوده بنزع فتيل الأزمة والعمل على إيجاد حل سلمي ومنع توسيع الحرب إلى حرب شاملة.
وفي هذا الإطار دخلت روسيا بقوة على خط الوساطة لوقف العدوان على لبنان ومنع امتدادها إلى سوريا بعد إعلان حكومة نتنياهو عزمها مواصلة الحرب. وشهدت موسكو حركة اتصالات نشطة بهدف إطلاق حوار مع الولايات المتحدة حول لبنان بعد فشل محاولات واشنطن على مدار السنوات الثلاث الماضية عزل موسكو وتقويض دورها على الساحة الدولية. وكانت اجتماعات أستانا الناجحة والواقعية لحل الأزمة السورية فرصة لروسيا لإعلان استعدادها لاستئناف الحوار مع واشنطن حول سوريا بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية بما يكفل إيجاد حل سياسي يضمن سيادة سوريا ووحدتها ويضع حدا للاحتلال الأمريكي لأجزاء من الأراضي السورية.
وجاء الإعلان الروسي حول استعداد موسكو لاستئناف الحوار مع واشنطن بالتزامن مع لقاءات وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر، المقرب من نتنياهو، مع المسؤولين الأمريكيين في واشنطن بعد أن قام ديرمر بزيارة إلى روسيا في محاولة لعقد صفقة لوقف إطلاق النار مع لبنان في وقت تسعى العديد من الدول لإصدار قرار من مجلس الأمن لوقف إطلاق النار فورا. وزيارة ديرمر المقرب من نتنياهو إلى موسكو وواشنطن تشير إلى عودة موسكو للعب دور أساسي على خط الوساطة بين لبنان وإسرائيل لمنع توسع الحرب، مع أن المقاومة استطاعت أن تثبت وجودها وتمنع قوات الاحتلال بعد 45 يوما من القتال في جنوب لبنان من التقدم وكبدتها أكثر من مئة جندي و45 دبابة.
وهذا الواقع الميداني عكسته تصريحات رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي استبق زيارة المبعوث الأمريكي المرتقبة إلى لبنان عاموس هوكشتاين وأعلن رفض لبنان لكل الشروط الإسرائيلية، مشيرا إلى أن لبنان ملتزم بتطبيق القرار 1701 لا زيادة ولا نقصان.
وبالإضافة إلى خطي المفاوضات المنفصلة التي يجريها هوكشتاين وديرمر، مع ظهور الدور الروسي المتعاظم، جاء انعقاد القمة العربية والإسلامية في الرياض بمشاركة الرئيس بشار الأسد بعد ستة أيام من فوز ترامب كرسالة جامعة وغاضبة أيضا من العالم الإسلامي من خطورة تمادي إسرائيل وحكومتها المتطرفة التي تدعو إلى طرد الفلسطينيين من الضفة الغربية وتوسيع الحرب على سوريا، وهو ما تحذر منه روسيا وتبذل كل ما بوسعها لمنع انزلاق المنطقة إلى حرب شاملة لا تحمد عقباها.