أكد عضو مجلس الشعب السوري، الأستاذ وليد درويش، في حوار مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي، أن مسار أستانا للحل السياسي في سوريا يعاني من تحديات كبيرة تعيق تقدمه. وأشار إلى أن إحدى أكبر المشكلات في هذا المسار تتجسد في دور تركيا كضامن لهذا الاتفاق، حيث بدا أن تركيا لا تتعامل مع هذا الدور بشكل جاد، بل تركز على صفقات وتفاهمات تتناقض مع المسار السياسي المرجو. منذ بداية أستانا وحتى اليوم، لم تلتزم أنقرة بتعهداتها فيما يتعلق بالحفاظ على وحدة الأراضي السورية وعدم دعم المجموعات الإرهابية المسلحة التي تواصل السيطرة على مناطق مثل إدلب وريف حلب. كما أكد درويش أن الحل السياسي في سوريا لا يحتاج إلى ضامنين بل يجب أن يبدأ بطلب انسحاب القوات الأمريكية والتركية من الأراضي السورية، إذ إن خروج القوات المحتلة من سوريا يشكل خطوة أساسية نحو حل النزاع.
وقد شدد درويش على أن تركيا لا يمكن أن تعد ضامناً حقيقياً للسلام في سوريا طالما أن سياساتها تتناقض مع هذا الدور. وأضاف أن حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن إجراء لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد لم يكن إلا محاولة لتجميل صورة تركيا دون تقديم التزامات حقيقية. وقد ذكر أن تصريح وزير الدفاع التركي حول تطبيع العلاقات مع دمشق، من خلال الجلوس مع الأسد، يتعارض مع الواقع حيث لا يمكن لسوريا أن تلتقي مع دولة دعمت الإرهاب ودمرت جزءاً كبيراً من سوريا.
وتطرق درويش إلى موقف تركيا من التطبيع مع سوريا، مؤكداً أن أردوغان لا يسعى إلى حل القضايا العالقة مع الدولة السورية، بل يواصل سياسته التي تركز على مصالحه الشخصية والسياسية داخل تركيا. واعتبر أن أردوغان يسعى إلى بناء “إمارة المؤمنين” داخل تركيا، حيث أصبح الحاكم الأوحد في البلاد، متجاهلاً التاريخ العثماني والمصالح السورية. كما أضاف أن تركيا تواصل دعم المجموعات الإرهابية في سوريا وتحتفظ بقواتها في مناطق سورية عدة، وهو ما يتناقض مع مطالب سوريا بخروج هذه القوات. وأوضح درويش أن سورية لم تطلب من تركيا مطالب مستحيلة، بل مجرد انسحاب قواتها ووقف دعمها للإرهاب.
أما فيما يتعلق بمسار أستانا، فقد رأى درويش أن التقدم في هذا المسار لا يمكن تحقيقه في ظل موقف تركيا الحالي، حيث تعتبر تركيا خصماً وحاكماً في نفس الوقت. وأشار إلى أن ما يتم طرحه في أستانا من اقتراحات مثل الانتخابات المبكرة والتعديلات الدستورية لا يمثل الحل الأمثل من وجهة نظر الدولة السورية، التي تعتبر أن الحكم هو حق الشعب السوري وحده. وقال إن الحكومة السورية لن تقدم “هدية” للمعارضة، ولا يمكن أن يتوقع أي جزء من المعارضة أن يحصل على جزء من السلطة من خلال هذه المفاوضات. وأكد أن الشعب السوري هو من اختار قيادته ويجب أن يظل في هذا الإطار.
وحول انعقاد أستانا وأسباب مشاركة سوريا فيه، قال درويش إن الحكومة السورية تشارك في هذا المسار لتثبت التزامها بالقرارات الدولية والاتفاقيات التي وقعتها، ولكنها لا يمكن أن تعول على هذا المسار طالما أن تركيا لم تغير من موقفها. وأضاف أن سوريا ملتزمة بالحل السياسي ولكن من خلال احترام سيادتها وعدم السماح لأي طرف آخر بتجاوز الحدود المرسومة لها. كما ذكر أن الانقسام في الشارع العربي حول دعم الأطراف المختلفة يجعل من الصعب إنهاء الحرب الإرهابية المفروضة على سوريا.
وتحدث درويش عن استعادة سوريا لدورها في المحافل الدولية، مؤكداً أن سوريا استرجعت مكانتها بفضل شعبها وقائدها ودماء الشهداء. وأشار إلى مشاركة سوريا في القمة العربية والإسلامية في الرياض، وهي خطوة تعكس عودة سوريا إلى الساحة الدولية. كما أكد أن دور روسيا وإيران في سوريا هو دور صادق، حيث تثق الدولتان في الدولة السورية، على عكس تركيا التي تواصل سياستها المتذبذبة.
وأضاف درويش أن تركيا لم تفعل أي شيء من أجل تحقيق تسوية حقيقية في سوريا، حيث كانت مصالحها دائماً تتركز في الحصول على مكاسب شخصية داخلية وخارجية. وأشار إلى أن تركيا تتبع سياسة الصفقات التي تضر بمصالح سوريا والمنطقة بشكل عام. واعتبر أن أردوغان يشبه إلى حد كبير الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في سعيه وراء الصفقات والمصالح الشخصية، دون الاهتمام بمعاناة الشعوب أو استقرار الدول المجاورة.
وفيما يتعلق بالوجود الروسي في سوريا، قال درويش إن روسيا تشارك في سوريا منذ بداية الحرب الإرهابية عبر اتفاقات شرعية، حيث تعتبر روسيا دولة صديقة لسوريا. وأكد أن المناورات العسكرية المشتركة بين سوريا وروسيا في شمال حلب تحمل رسائل هامة للجميع، وخاصة للاحتلال الإسرائيلي. وقد أشار إلى أن روسيا تدافع عن سيادة سوريا من خلال الاتفاقيات الموقعة، بينما تحرص على تجنب التورط المباشر في المواجهات العسكرية ضد العدوان الإسرائيلي.
وأوضح درويش أن سوريا تتصدى للعدوان الإسرائيلي بجيشها وقواتها الجوية، وأن الدفاع عن السيادة السورية هو مسؤولية الدولة السورية وحدها. وأشار إلى أن هناك تقارير تشير إلى أن إسرائيل لا تستطيع صد ضربات المقاومة على الرغم من امتلاكها لأحدث الأنظمة الدفاعية. وأوضح أن الدفاعات الجوية السورية تصدت لبعض الضربات الإسرائيلية، رغم الظروف الصعبة والعدوان المستمر.
وفيما يخص المناورات الروسية في سوريا، قال درويش إنها جزء من التعاون الطبيعي بين سوريا وروسيا ولا تمثل أي نوع من الاحتلال. ورفض أي ترويج لفكرة أن روسيا أو إيران تحتلان سوريا، مؤكداً أن الوجود الروسي هو جزء من اتفاقيات شرعية بين البلدين. وأضاف أنه يعتب على الحكومة السورية التي تجلس مع أطراف في أستانا لا يفقهون في السياسة ولا في العسكرية، وتدير حواراً مع أطراف لا تهتم إلا بمصالحها الشخصية.
وأشار درويش إلى أن هناك شخصيات معروفة في المعارضة السورية قد فرحت لاستشهاد القيادي الفلسطيني السنوار، مطالباً بملاحقتهم قضائياً وسحب الجنسية السورية منهم. وأكد أن هذه الشخصيات ليس لها مكان في قيادة الدولة السورية، وأن الشعب السوري هو صاحب القرار النهائي في تحديد مصير بلاده.