تبدو محاولات روسيا استئناف الحوار مع واشنطن حول الملف السوري مرتبطة بالعديد من المؤشرات السياسية التي ظهرت مؤخرا. أشار المحلل السياسي الدكتور حسام طالب، في حديثه لشبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم إلى ان الحديث الروسي في هذا السياق جاء مستندا الى تصريحات شخصيات مقربة من دونالد ترامب، مثل روبرت كينيدي جونيور، الذي كشف أن ترامب رسم خارطة التواجد الأمريكي في المنطقة وحذف منها سورية بالكامل. الدكتور طالب اعتبر أن هذا الطرح يعكس وجود مؤشرات غير معلنة على عودة تفعيل الخط الساخن بين موسكو وواشنطن، خصوصا مع الإدارة الأمريكية القادمة التي لم تستلم مهامها بعد.
الدكتور طالب نفى فكرة وجود مقايضة مباشرة بين الطرفين، حيث تسلم واشنطن سورية لروسيا مقابل أوكرانيا، موضحا أن روسيا تسعى لإنهاء الحرب في أوكرانيا والحفاظ على وحدة وسيادة سورية، وهو ما لا يمكن تحقيقه الا من خلال اتفاق شامل مع الجانب الأمريكي. ووفقا لما ذكره، فان الاتفاق المرجح قد يهدف لطمأنة روسيا عبر صيغة شبيهة باتفاق مينسك، وربما إقناعها بالتخلي عن زاباروجيه وبعض المواقع في أوكرانيا، مقابل لوغانسك والقرم تحت السيادة الروسية وفق الانتخابات الأخيرة والحكم الذاتي. وفي المقابل، يرى أن القرم باتت مسألة محسومة بالنسبة لروسيا التي لن تتخلى عنها تحت أي ظرف، بما في ذلك اندلاع حرب نووية.
فيما يتعلق بالناتو، اعتبر الدكتور طالب أن أهم أهداف ترامب تتمثل في تقليل التمويل الامريكي للحلف، مما سيضعف دوره ويحقق مصلحة مباشرة لروسيا. كما أشار إلى أن ترامب يرى أن أوروبا تستفيد من الحماية الامريكية دون مقابل مناسب، وهو أمر يرفضه بشدة. ترامب وصف السياسة الأمريكية تجاه الناتو بأنها تعكس مبدأ الحماية مقابل المال، وليس من مصلحة واشنطن ان تنخرط في صراعات مستنزفة لحساب حلفائها الأوروبيين.
حول التحولات في السياسة الخارجية الأمريكية، أكد الدكتور طالب أن إدارة ترامب القادمة قد تتخلى عن مبدأ تصدير النيوليبرالية ومبدأ “من ليس معنا فهو ضدنا”. ولفت إلى أن تصريحات ترامب حول قضايا اجتماعية مثل الإجهاض وتغيير الجنس تتوافق مع مواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث يعارضان بشدة هذه الممارسات التي يصفها ترامب بالاعتداء على القاصرين.
وفيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الصينية، يرى الدكتور طالب ان ترامب سيغير كثيرا من سياسات بايدن، مفضلا المواجهة الاقتصادية بدلا من العسكرية. هذه الاستراتيجية قد تتجلى في رفع الرسوم الجمركية على البضائع الصينية وتعزيز الصناعة الأمريكية، فيما يسعى للضغط على أوروبا للقيام بالمثل. أشار الدكتور طالب إلى مثال واضح على هذا النهج من خلال قضية نورد ستريم 2، حيث دمرت واشنطن هذا المشروع وضغطت على أوروبا لوقف استيراد الغاز الروسي، مما منح الولايات المتحدة الفرصة لبيع غازها بسعر أعلى.
وأخيرا، تحدث الدكتور طالب عن السيطرة الأمريكية على السياسة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرا الى أن مشروع “مارشال” حول أوروبا إلى أداة بيد الولايات المتحدة، مع هامش محدود من الاستقلال لبعض الدول مثل فرنسا. واعتبر أن أي محاولة من القادة الأوروبيين، مثل ماكرون، للخروج من العباءة الأمريكية تواجه دائما بانتقادات حادة تعكس الهيمنة الأمريكية المطلقة.