تعيش سوريا اليوم مرحلة مفصلية تحاول فيها التخلص من إرث اقتصادي وسياسي ثقيل. في حوار مع شبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور عمار يوسف أن تحقيق إصلاح حقيقي يتطلب خطوات جادة من الإدارة الجديدة للعبور بالبلاد من هذا الوضع المأساوي إلى حالة إنسانية طبيعية. وأكد أن العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا تمثل العائق الأكبر أمام انتعاش الاقتصاد، مشيرًا إلى أن رفع العقوبات هو موضوع سياسي يمكن تحقيقه بإلغاء قانون قيصر الذي فرضته إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
أشارالدكتور عمار إلى أن النظام السابق استغل العقوبات الاقتصادية لتبرير الفشل الاقتصادي. كما اعتبر أن الدعوة إلى عقد مؤتمر لرجال الأعمال خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح، لكنها لن تنجح دون رفع العقوبات، حيث يشكل ذلك عاملا أساسيا لجذب الاستثمارات وضمان شعور رجال الأعمال بالأمان الاقتصادي داخل سوريا.
أوضح الدكتور عمار أن السياسات الاقتصادية السابقة أضعفت السوق السورية من خلال تحويل الاقتصاد إلى أداة لتحقيق مصالح شخصية. أشار إلى أن الفساد والاحتكار كانا السمة البارزة، حيث هيمنت شخصيات معينة على السوق، مثل “شيخ الكار” الذي كان يتحكم بكل ما يدخل إلى سوريا من أدوية وغذاء. واعتبر أن مثل هذه الممارسات تتطلب تغييرات جذرية في التشريعات لتوفير بيئة تنافسية شفافة تجذب المستثمرين.
فيما يخص الدعم الدولي، أكد الدكتور عمار على أهمية وجود شراكات مع المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة والبنك الدولي لتحقيق تنمية مستدامة. كما أشار إلى أن المساعدات المقدمة من قطر وتركيا يجب أن تركز على إعادة تأهيل البنى التحتية، مثل المطارات والموانئ، وتمويل المشاريع الزراعية والصناعية. واعتبر أن مشروع خط الغاز القطري عبر سوريا يمكن أن يمثل مصدرًا استراتيجيًا للدخل، ما يسهم في تحقيق أرباح مستدامة ويعزز الاقتصاد الوطني.
الدكتور عمار شدد على أن المساعدات الدولية لا تمنح دون مقابل، حيث ترتبط بالمصالح السياسية للدول. وأكد أن القيادة الجديدة مطالبة بتحقيق توازن بين متطلبات المرحلة والاستفادة من الدعم المقدم دون الإضرار بالمصالح الوطنية.
حول الوضع الاقتصادي الحالي، أشار الدكتور عمار إلى أن القرارات التي اتخذتها الحكومة الجديدة خلال الأيام الماضية، مثل تأمين البنزين والمازوت وإلغاء البطاقة الذكية، هي خطوات إسعافية وليست إصلاحات تشريعية. وأوضح أن المشكلة تكمن في التشريعات السابقة التي وضعت لخدمة شخصيات معينة، مشيرا إلى أن البنك المركزي كان يتحكم في سعر الدولار بما يخدم مصالح محددة.
اختتم الدكتور عمار حديثه بالتأكيد على أن المرحلة الحالية تتطلب قرارات جريئة وسريعة لمعالجة المشكلات الخطيرة التي تمس حياة المواطن ومعيشته، داعيا إلى نسف التشريعات القديمة واستبدالها بقوانين تتناسب مع مرحلة الإنقاذ.