بعد شهر من سقوط نظام الأسد، برزت تحديات أمنية وسياسية واقتصادية أمام الحكومة الجديدة بقيادة أحمد الشرع. تحديات تبدو بسيطة لكنها في واقع الحال تتسع مع الزمن، خاصة التحدي الأمني حيث تسيطر الولايات المتحدة وقوات سوريا الديمقراطية على أجزاء واسعة من شمال شرق سوريا، حيث توجد القواعد الأمريكية وسجون الإرهابيين من داعش. قوات سوريا الديمقراطية المدعومة أمريكياً ترفض تسليم هؤلاء الإرهابيين أو أسلحتها للسلطات الجديدة، مما يؤدي إلى اشتباكات يومية مع الفصائل الموالية لتركيا في تلك المناطق.
الوضع الأمني المعقد في شمال شرق سوريا لا يختلف عن الوضع الخطير في الجنوب، وتحديداً في درعا والسويداء. شيخ عقل الموحدين الدروز في السويداء رفض تسليم السلاح أو السماح لقوات إدارة العمليات بالدخول إلى المدينة. كما وضع أبناء السويداء شروطاً للتعامل مع الإدارة الجديدة، تتضمن تشكيل حكومة شاملة تضم جميع مكونات الشعب السوري.
بالتوازي مع تعقيد المشهد الأمني في الجنوب والشمال الشرقي، وقعت اشتباكات في مدينة الصنمين بريف درعا بين فصائل متناحرة قبل أن تتدخل إدارة العمليات لفض الاشتباك، لكن الوضع في الجنوب لا يزال خارج سيطرة الإدارة الجديدة.
في الساحل السوري وريف حمص، تستمر الحملات الأمنية التي تنفذها قوات إدارة العمليات لملاحقة المطلوبين. هذه الحملات شملت عمليات تمشيط وتفتيش واسعة بعد رفض بعض الملاحقين من النظام السابق تسليم أسلحتهم. رغم وقوع اشتباكات مع مطلوبين، أبدى الأهالي في حمص تعاوناً مع إدارة العمليات.
التحديات السياسية والاقتصادية لا تقل خطورة عن الأمنية. الأطراف الإقليمية والدولية المعنية بالساحة السورية غير متجانسة في رؤيتها للوضع. رغم الدعم التركي الكامل للإدارة الجديدة، تبدي الدول العربية مثل الأردن ومصر والإمارات تخوفات وشكوكاً حول قدرة الإدارة الجديدة على تشكيل حكومة موحدة.
التصريحات الصادرة عن قائد الإدارة السورية تضمنت رسائل إيجابية، لكنها لم تخف الضغوط الغربية لتشكيل حكومة شاملة تحل محل الحكومة الحالية التي تقوم فقط بتسيير الأعمال وإعادة هيكلة الوزارات. وتشير تقارير إلى أن الحكومة الشاملة قد تُعلن في آذار المقبل.
على الساحة السياسية، برزت مسألة عقد مؤتمر للحوار الوطني كأولوية للإدارة السورية الجديدة. لكن الحكومة تتريث في توجيه الدعوات بسبب الخلافات حول الشخصيات المشاركة، خاصة بعد إعلان الشرع نيته حل هيئة تحرير الشام خلال المؤتمر.
أما التحديات الاقتصادية فتتعلق برفع العقوبات المفروضة على سوريا وإعادة الإعمار وتحسين الأوضاع المعيشية للشعب السوري. العقوبات الاقتصادية التي ساهمت في إسقاط النظام السابق جعلت أكثر من 80 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر. رغم الإشارات الإيجابية من الولايات المتحدة والدول الأوروبية، لا يزال الغرب يشترط تحقيق انتقال شامل وغير طائفي للسلطة، وتشكيل حكومة شاملة، والالتزام بمحاربة داعش.
يبقى السؤال: هل تستطيع الإدارة السورية الجديدة بقيادة الشرع تحقيق هذه الشروط واستغلال الزخم العربي والدولي للدعوة إلى مؤتمر للحوار الوطني، أم ستبقى سوريا في دوامة العنف والانقسام؟