أكد الدكتور حسان سلوم، رئيس تحرير صحيفة “سوريا الغد” الإلكترونية، في حديث خاص لشبكة شام نيوز إنفو عبر إذاعة ميلودي إف إم، أن تحقيق الاستقرار في الوضع السوري الحالي يتطلب الاعتراف بجميع المكونات السورية كمكونات أصيلة، مشددا على أن لكل طرف حقوقا وواجبات يجب احترامها.
وفيما يخص التحركات العسكرية التركية، أشار سلوم إلى وجود تحركات تركية في سوريا، خاصة في الساحل، لكنها لا تزال غير واضحة بشكل كامل. وربط هذه التحركات بالطموحات التاريخية التركية بعد الحرب العالمية الأولى، حين شعرت تركيا بأنها مظلومة جغرافيا، وسعت لاستعادة مناطق مثل الإسكندرون والموصل وحلب التي تعتبرها جزءا من إرثها. وأضاف أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يتحرك بذكاء لتحقيق هذه الأطماع تدريجيا دون الاصطدام المباشر بالقوى الدولية التي قد تمنع ذلك. كما اعتبر سلوم رفع العلم التركي على قلعة حلب خطوة رمزية تستهدف إثارة عواطف الأتراك، مشيرا إلى أن بعض التيارات الدينية السورية قد تتعاطف مع هذه التحركات، مما يشكل تحديا إضافيا.
وحول الموقف الدولي، أوضح سلوم أن الوضع الراهن يعكس صراع قوى، حيث تسعى تركيا لتعزيز نفوذها في المنطقة في ظل ضعف الدولة السورية التي فقدت الكثير من وزنها الدولي. واعتبر أن الإعفاءات التي قدمتها إدارة بايدن لبعض الدول من العقوبات على سوريا تأتي في سياق لعبة العصا والجزرة لتشجيع تقديم تنازلات إضافية. وأكد أن تخفيف العقوبات يهدف إلى تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ومنع تطرف المجتمع السوري، لكنه يأتي بشروط تخدم مصالح القوى الكبرى.
أما فيما يخص موقف الرئيس السابق دونالد ترامب، فقد رأى سلوم أن طلب ترامب من إدارة بايدن عدم رفع العقوبات عن سوريا قبل توليه الرئاسة يعكس تبنيا كاملا للمشروع الإسرائيلي. وأضاف أن المنافسة بين الإدارتين الأميركية الحالية والسابقة تعكس تنافسا على إبراز القوة السياسية في اتخاذ القرارات المتعلقة بسوريا. واعتبر أن تخفيف العقوبات قد يكون خطوة مؤقتة يمكن الرجوع عنها في أي وقت بناء على المصالح الأميركية.
وتناول سلوم كذلك التباين بين المصالح الأميركية والأوروبية، مشيرا إلى أن أوروبا تسعى لدولة سورية بمعنى الدولة، بينما تركز الولايات المتحدة على حماية مصالحها الخاصة. وأضاف أن الخلافات بينهما تشبه الوضع مع روسيا، حيث تهدف الاستراتيجية الأميركية إلى فصل روسيا عن أوروبا ودفعها نحو آسيا، مع التركيز على خفض تأثيرها في تزويد أوروبا بالطاقة.
أما عن العلاقات الروسية التركية، فأكد سلوم أن هذه العلاقات تظل ضمن حدود المصالح المتبادلة دون خروج تركيا من الحضن الغربي. واعتبر أن مشاريع الغاز والنفط تمثل جزءا من الصراع الدولي على النفوذ، مشيرا إلى أن المصالح الاقتصادية قد تدفع دولا مثل أذربيجان إلى السماح بمد خطوط الغاز بالتعاون مع روسيا وإيران، لكن التوازن بين المصالح السياسية والاقتصادية يبقى التحدي الأكبر.
وفيما يتعلق بمستقبل سوريا، أكد سلوم أن المشكلة الأساسية تكمن في غياب إرادة اجتماعية موحدة، حيث يعاني المجتمع السوري من التشتت وعدم القدرة على بناء دولة حقيقية. وشدد على أهمية توحيد الإرادة الوطنية حول أهداف مشتركة، داعيا القوى السياسية والفكرية والاجتماعية إلى البحث عن نقاط تلاقي بدلاً من التركيز على الخلافات. وأكد أن بناء الدولة يحتاج إلى تجاوز منطق الثأر والانتقال إلى منطق المصالحة والتكاتف لبناء مجتمع مستقر.
وختم سلوم حديثه بالتأكيد على ضرورة العمل سريعا لتجاوز الآلام التي خلفها الصراع، محذرا من أن استمرار الانقسام قد يؤدي إلى تفتت المجتمع بشكل أكبر، مما يجعل مهمة إعادة بناء الدولة أكثر صعوبة.