في حديث خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم، أكد المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي محمود عبد السلام أن مؤتمر الحوار الوطني الذي انعقد مؤخراً في سورية كان خطوة محورية في تحديد مستقبل البلاد، إذ جاء الإعلان عن تشكيل لجنة لصياغة الإعلان الدستوري خلال يومين فقط من بدء المؤتمر، مما يشير إلى وجود إرادة سياسية واضحة لدفع عجلة الانتقال السياسي إلى الأمام.
وأوضح عبد السلام أن اللجنة التي تم تشكيلها تتكون من سبعة أشخاص، ستة منهم يحملون درجة الدكتوراه في القانون، وجميعهم مؤهلون قانونياً وحقوقياً، وهو ما يعكس الحرص على توفير إطار قانوني رصين لصياغة الدستور الجديد الذي سيحكم المرحلة الانتقالية. وشدد على أن هذا الدستور المؤقت سيعمل على تحديد العلاقة بين السلطات الثلاث—التشريعية والتنفيذية والقضائية—بما يضمن الفصل بين السلطات وتعزيز استقلالية كل منها.
وأشار عبد السلام إلى أن أبرز النقاط التي تضمنها مشروع الدستور الجديد تتعلق بتحديد ديانة رئيس الدولة، حيث نص على أن يكون رئيس الجمهورية مسلماً، وهو ما أثار بعض الجدل بين مختلف الطوائف والمكونات في سورية. وقال: “هذا الأمر ليس غريباً، فالكثير من دول العالم تحدد ديانة الرئيس وفقاً لتركيبة شعوبها، كما هو الحال في لبنان حيث يشترط أن يكون الرئيس مسيحياً مارونياً”. وأضاف أن غالبية الشعب السوري يعتنقون الإسلام، وبالتالي فإن النص على أن يكون الرئيس مسلماً يأتي منسجماً مع التركيبة الديموغرافية للبلاد، رغم أن هذا البند لم يكن موجوداً في الدساتير السابقة لسورية.
وأكد عبد السلام أن الدستور الجديد سيكون دستوراً مؤقتاً للمرحلة الانتقالية، ولن يكون دستوراً دائماً، بل سيتم لاحقاً الاستفتاء على دستور جديد بعد انتهاء المرحلة الانتقالية. ومن بين البنود الأساسية الأخرى في الدستور المؤقت، هناك تحديد صلاحيات رئيس الجمهورية، الذي سيعين مئة عضو في مجلس الشعب المؤقت، وهو عدد يقل عن العدد التقليدي لأعضاء مجلس الشعب السوري البالغ 250 عضواً. وأوضح أن السبب في ذلك يعود إلى خصوصية المرحلة الانتقالية التي تحتاج إلى آليات مختلفة لضمان الاستقرار السياسي.
وحول الانتقادات التي وجهت للجنة التي تتولى صياغة الإعلان الدستوري، اعتبر عبد السلام أن أعضاء اللجنة جميعهم يتمتعون بمؤهلات قانونية رفيعة المستوى، لكن بعض الأصوات أشارت إلى أن اللجنة لا تمثل كل أطياف المجتمع السوري، بل تميل إلى تمثيل لون واحد أو شريحة واحدة. وقال: “كان من الأجدر أن يتم توسيع المشاركة لتشمل مختلف المكونات لضمان القبول الشعبي العام بالدستور الجديد”.
وبالنسبة لمصدر التشريع في الدستور، أوضح عبد السلام أن الإسلام لطالما كان أحد مصادر التشريع في الدساتير السورية السابقة، لكن البعض يرى أن الدولة يجب أن تكون مدنية بالكامل، في حين يطالب آخرون بأن تكون علمانية. وأضاف: “هناك فرق بين الدولة المدنية والدولة العلمانية، فالأولى تعني احترام كل الأديان مع الاحتفاظ بدور الدين في بعض القوانين، بينما الثانية تفصل الدين تماماً عن التشريع”.
وفيما يتعلق بالمخرجات النهائية للجنة الإعلان الدستوري، أشار عبد السلام إلى أن المواد التي ستصدر عن اللجنة سترفع بصيغة توصيات، ما يعني أنها ليست ملزمة حتى يتم إقرارها رسمياً. وقال: “إذا كانت اللجنة لا تملك القرار النهائي، فما الحاجة إليها؟ كان من الأفضل أن يتم الاتفاق مسبقاً على الخطوط العريضة للدستور بدل تضييع الوقت في مناقشات غير ملزمة”.
وأكد عبد السلام أن المرحلة الانتقالية تتطلب توافقاً واسعاً بين القوى السياسية والمجتمعية، لأن سورية بحاجة إلى دستور يحقق العدالة والاستقرار، وليس إلى دستور يكون محل خلاف منذ البداية.