الرئيسان بوتين وترامب يضعان النقاط على الحروف لوقف الحرب في أوكرانيا.. وسط ترقب لنتائج اجتماعات الرياض بين لافروف وروبيو…
بعد المكالمة الهاتفية الثانية بين الرئيسين الروسي والأمريكي فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، والتي استغرقت ساعتين ونصفاً، لم يعد أحد لديه أدنى شك من أن مرحلة جديدة من العلاقات الروسية الأمريكية يتم رسم ملامحها لتطوير العلاقات بين موسكو وواشنطن. وحتى الخلافات الموجودة والمتراكمة تذوب أمام الثقة الكبيرة التي أظهرها كلا الرئيسين تجاه الآخر.
فالانطباعات والتقييمات التي خرجت من مختلف الاتجاهات ومن معظم المحللين الذين تابعوا مسار العلاقات المتجددة بين القوتين العظميين تؤكد أن لا عودة إلى الوراء، وأن آفاق التوصل إلى وقف إطلاق النار في أوكرانيا باتت وشيكة. وأن العلاقات الثنائية الروسية الأمريكية أصبحت في مكان آمن ومتقدم، وتسير إلى الأمام. في وقت يتحدث خبراء السياسة الدولية عن مرحلة جديدة وحاسمة يتم خلالها صياغة عالم جديد انطلاقاً من هذه المحادثات الماراثونية، والتي كان للسعودية دون غيرها حظ استضافتها لتسجل اسمها في التاريخ، كما سجلت يالطا اسمها بعد الحرب العالمية الثانية.
ومع أن دولاً كثيرة عرضت استضافة الحوار والمحادثات الأمريكية الروسية كأوروبا وتركيا، إلا أن اختيار السعودية كان متعمداً بالنظر إلى مكانتها السياسية والاقتصادية المتصاعدة وعلاقاتها الجيدة مع الروس والأمريكيين وأوكرانيا.
فبعد المشادة الكلامية الصاخبة بين ترامب وزيلينسكي في البيت الأبيض، حصلت تطورات كثيرة ومحاولات لرأب الصدع. وقام الرئيس ترامب بإبلاغ زيلينسكي شخصياً بنتائج المباحثات الأخيرة بينه وبين بوتين، والتي تضمنت مختلف جوانب الحرب الأوكرانية وتداعياتها على أوروبا والعالم، والضمانات التي تطالب بها أوكرانيا، والمطالب الروسية التي تتلخص بمنع انضمام أوكرانيا إلى الناتو، والاحتفاظ بالأراضي التي ضمتها موسكو في العام 2022 خلال استفتاء شعبي بعد أن استعادتها خلال الحرب، وهي مقاطعات دونيتسك ولوغانسك وزابوروجيا وخيرسون.
وبانتظار صدور قرارات حاسمة لوقف إطلاق النار بعد القرارات التي اتخذها الرئيس بوتين بشأن وقف قصف البنية التحتية الأوكرانية، فإن الأنظار تتجه إلى الرياض التي ستستضيف المحادثات الروسية الأمريكية بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأمريكي ماركو روبيو، بمشاركة رئيسي جهازي الأمن القومي. حيث ستتناول المحادثات قضية وقف إطلاق النار في أوكرانيا، وهي المسألة الجوهرية التي تشغل الرئيس ترامب، الذي وصف مكالمته مع بوتين بأنها رائعة، تم خلالها مناقشة الطريق إلى السلام وسبل منع استمرار إراقة الدماء.
وفيما تتقدم القوات الروسية وتتفوق في ساحات المعارك في كورسك وإقليم الدونباس، بعد أن تمكنت من فرض طوق محكم على أكثر من 2500 جندي أوكراني في كورسك، فقد جاء تقييم الكرملين لنتائج المحادثات إيجابياً أيضاً، حيث تم وضع النقاط على الحروف خلال مكالمة الرئيسين ترامب وبوتين لوقف الحرب في أوكرانيا.
حالة من التفاؤل عبرت عنها كل من موسكو وواشنطن، إلا أن الأمر يحتاج إلى تنازلات من قبل جميع الأطراف، ذلك لأن تراكمات الصراع كبيرة، والتدخلات الدولية لا تقتصر على روسيا والولايات المتحدة. فأوروبا لا تزال تلعب على الحبال وتسعى لمنع وقف إطلاق النار، وتواصل المناكفات مع الولايات المتحدة لمنعها من التوصل إلى اتفاق مع روسيا لوقف الحرب. إلا أن ما ظهر من تصريحات ترامب وإدارته يشير إلى أن وقف إطلاق النار في أوكرانيا سيتم طبخه على نار هادئة، وسيضع تفاصيله الوزيران لافروف وروبيو على الطاولة السعودية قريباً. لأن الاتصالات الهاتفية المكثفة بين إدارة ترامب والكرملين ما كانت لتتم بهذه الوتيرة العالية والزخم الشديد لولا أنها تحقق خطوات ملموسة إلى الأمام. وهذا ما سيلمسه العالم بعد أن تم إحياء الدبلوماسية بين القوتين العظميين، وباتت لغة الحوار هي السائدة بعد أن غابت لغة المواجهة والتهديد بين موسكو وواشنطن.