بعد 12 ساعة متواصلة من اجتماع الوفدين الروسي و الأمريكي في الرياض لبحث فض النزاع في أوكرانيا، صدر بيان عن الكرملين يوضح فيه نتائج ما توصلت إليه المباحثات المشتركة ، إلا أن المفاجئ أن النقاط التي أعلنت من الكرملين لم تأت أبداً على مسألة حل النزاع مع أوكرانيا، بل كان جوهر الأمر متعلق باتفاقات تم التوصل إليها تضمن من خلالها الولايات المتحدة تنفيذ “مبادرة البحر الأسود”، والتي تشمل ضمان سلامة الملاحة في البحر الأسود، وعدم استخدام القوة، ومنع استخدام السفن التجارية لأغراض عسكرية مع تنظيم تدابير الرقابة المناسبة ، كما ستساعد واشنطن في استعادة إمكانية وصول الصادرات الزراعية والأسمدة الروسية إلى السوق العالمية، وخفض تكلفة التأمين على الشحن، وتوسيع الوصول إلى الموانئ وأنظمة الدفع لإجراء مثل هذه المعاملات. وبالتالي ستضمن تصدير الأسمدة المعدنية الروسية والبيلاروسية، بحسب مصدر لموقع “أوكتاغون” المطلع على مسار المفاوضات، بالإضافة إلى تعهد الولايات المتحدة بتصدير جميع الكميات اللازمة من الأسمدة المعدنية، بما في ذلك الأسمدة البيلاروسية، عن طريق البحر، بشكل رئيسي إلى الولايات المتحدة، وكذلك إلى أفريقيا وأميركا اللاتينية.
ومن المتوقع أن تكون نتيجة هذه الضمانات رفع العقوبات عن السفن التجارية الروسية والبيلاروسية ومنحها الفرصة لدخول موانئ العالم باستثناء الاتحاد الأوروبي.
وتم التوصل أيضًا إلى اتفاق بشأن إصدار ترخيص للبنك الزراعي الروسي للقيام بعمليات تتعلق بتجارة الحبوب وبذور عباد الشمس والأسمدة المعدنية.
وفي الوقت الذي يرفض فيه الاتحاد الأوروبي الأسمدة الروسية والغاز المستخدم في إنتاجها، فإن الولايات المتحدة سوف تعمل على تعزيز احتياطياتها الزراعية والاستراتيجية من الحبوب. وسوف يعملون على تحسين العلاقات مع البلدان في أفريقيا والجنوب العالمي، وهنا سيضطر الاتحاد الأوروبي إلى شراء الموارد الغذائية والأسمدة من الصين، مما سيجعله معتمداً وخاضعاً للعقوبات الأميركية.
والنقطة الأهم التي وردت في بيان الكرملين هو اتفاق الجانبين على وضع تدابير لتنفيذ الاتفاقيات بين رئيسي البلدين بشأن حظر الضربات على منشآت الطاقة في روسيا وأوكرانيا لمدة 30 يومًا، اعتبارًا من 18 مارس 2025، مع إمكانية تمديد الاتفاق والانسحاب منه في حالة عدم امتثال أحد الطرفين.
يبدو أن البلدين يسعيان بجدية لتحقيق سلام قوي ودائم من خلال محاولة استعادة المسار الدبلوماسي و هذا أمر إيجابي ، و نسبياً فقد نجحا بذلك بعد هذه المباحثات المهمة ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ، إلا أن طريق مفاوضات الدول العظمى شاق وطويل وصعب ربما تحتاج إلى أسابيع وشهور ليس فقط إلى 12 ساعة خاصة أن الولايات المتحدة صعب أن تغير أسلوبها في الهيمنة واتباع سياسة القطب الواحد لكن يبدو أنها تفهم الآن أن روسيا لا تخسر المعركة .
تبقى مشكلة أوكرانيا معلقة ومن الملاحظ أنه لم يتم اعتماد بيان الوفدين الروسي والأمريكي بسبب الموقف الأوكراني وهذا أمر مميز وعارض للغاية, حيث أكد الكرملين على لسان المتحدث ديمتري بيسكوف، أن التفاصيل “الفنية” للمحادثات لن تنشر، وأن نتائج المفاوضات بين الوفدين الروسي والأمريكي في الرياض لن تنشر وقد أعيدت التقارير الصادرة عن المحادثات إلى العاصمتين موسكو وواشنطن، ويجري تحليلها، وعندها فقط سيكون من الممكن الحديث عن بعض التفاهمات على حد تعبير بيسكوف.