في حديث خاص مع شبكة شام نيوز إنفو على إذاعة فيرجن إف إم، حلل الخبير القانوني نعيم أقبيق التحول الاستراتيجي في الموقف الأمريكي والأوروبي من سورية بعد قرار رفع العقوبات، معتبراً أن هذه الخطوة تعكس تغيرات عميقة في تحالفات المنطقة وموازين القوى الإقليمية. وأكد أقبيق أن هذه التطورات ستنعكس إيجاباً على مصالح سورية والدول العربية الشقيقة.
استهل أقبيق حديثه بالإشادة بالدور السعودي والتركي في تسهيل عملية رفع العقوبات، مشيراً إلى تحسن العلاقات مع الأردن عبر المجلس الأعلى المشترك الذي يبحث قضايا مشتركة كالمياه والكهرباء والصناعة. وأوضح أن هذه التحالفات الجديدة تعكس رغبة جميع الأطراف في استقرار المنطقة وازدهارها.
في سياق تحليله للقانون الأمريكي، فرق أقبيق بين القوانين الصادرة عن الكونغرس والأوامر التنفيذية للرئيس، مشيراً إلى أن العقوبات على سورية صدرت بقوانين تشريعية تحتاج لإجراءات مماثلة للإلغاء. ونوه إلى أن القانون الأمريكي يبقى داخلياً ولا يلزم دول العالم، معتبراً أن تطبيقه على شركات أجنبية يشكل انتهاكاً للسيادة الوطنية.
تناول أقبيق تطور مفهوم العقوبات الاقتصادية كسلاح بديل عن الحروب التقليدية، مستعرضاً كيف تحولت النزاعات المسلحة من مواجهات بين الجيوش إلى حروب تستهدف المدنيين بشكل رئيسي. وأشار إلى أن نسبة الضحايا المدنيين ارتفعت من 1% في الحرب العالمية الأولى إلى 95% في النزاعات المعاصرة، مما دفع المجتمع الدولي لاعتماد العقوبات كأداة ضغط.
استعرض أقبيق تاريخ العقوبات على سورية منذ عهد الرئيس ريغان، مروراً بقانون محاسبة سورية 2003، وصولاً إلى قانون قيصر، مؤكداً أن الرئيس ترامب يستخدم مصطلحات قانونية دقيقة مثل “إيقاف” العقوبات التي تعني تجميداً مؤقتاً قابلاً لإعادة التقييم. وحذر من التفسيرات السياسية العشوائية لمثل هذه المصطلحات التي تحمل تداعيات قانونية وسياسية كبيرة.
فيما يخص الموقف الأوروبي، كشف أقبيق عن تناقضات عميقة في السياسة الأوروبية بين الرغبة في الاستقلال عن الهيمنة الأمريكية والتبعية الأمنية عبر حلف الناتو. وأشار إلى أن الدول الأوروبية المتوسطية مثل فرنسا وإيطاليا وإسبانيا تفضل تقوية علاقاتها مع سورية، بينما تبقى خاضعة للضغوط الأمريكية في النهاية.
أكد أقبيق أن تشكيل هيئتي المفقودين والعدالة الانتقالية يقطع الطريق أمام المبررات الأوروبية لاستمرار العقوبات، مشدداً على أهمية مواصلة الإصلاحات الداخلية لتعزيز التماسك الاجتماعي. ودعا إلى الحد من خطاب الكراهية على وسائل التواصل الاجتماعي الذي يعيق المصالحة الوطنية.
اختتم أقبيق حديثه بالتركيز على ضرورة الفصل بين الإصلاح الإداري الذي تقوم به الحكومة عبر تقسيم المناطق الأمنية، وبين المسار الدستوري الذي قد يتضمن فيدرالية لامركزية تحافظ على وحدة سورية وسيادتها. وأعرب عن تفاؤله بمستقبل أفضل لسورية قائلاً: “نحن شعب واحد، وبلد واحد، وسنواصل البناء معاً نحو غد أفضل”.