في خطوة مهمة نحو تطوير الاقتصاد السوري، بدأت لجنة الإصلاح الضريبي أولى اجتماعاتها مساء أمس في مبنى وزارة المالية، بهدف تجاوز التحديات المعقدة التي تواجه النظام الضريبي الحالي، وجعله أكثر عدالة وفعالية بما يتناسب مع متطلبات الاقتصاد السوري الجديد.
أبرز ملامح الإصلاح الضريبي
تبدأ بمشاركة القطاع الخاص، للمرة الأولى في تاريخ سوريا، ضمت اللجنة ممثلين فعليين عن غرف التجارة والصناعة في دمشق وحلب، بالإضافة إلى عميد كلية الاقتصاد بجامعة دمشق وخبراء ماليين مستقلين، وتهدف هذه الخطوة إلى تحقيق توازن بين مصلحة الدولة ومطالب رجال الأعمال، وتعزيز الثقة المتبادلة.
وتبسيط وتوحيد الشرائح، إذ ركزت اللجنة على تبسيط الإجراءات الضريبية، وتقليل عدد الشرائح، وتوحيدها لتحويل النظام إلى عادل وسهل التطبيق. وقد تم التوافق بالفعل على إلغاء عدة رسوم وتقليص ضرائب متعددة، مع التزام بوديعة زمنية حتى 30 تموز لإنجاز خطوات ملموسة.
إضافة إلى تعزيز العدالة والشفافية، إذ أشار الوزير إلى أن النظام القديم كان يجمع بين إنفاق استهلاكي ثابت وضريبة دخل تصاعدية ظالمة، تضرّ بالأضعف اقتصاديًا وتفتح الباب للتهرب الضريبي.
وتضم الإصلاحات مقترحاً لرفع الإعفاء الضريبي على الرواتب من 300 ألف إلى نحو 5 ملايين ليرة سورية، ما يُعدّ خطوة كبيرة نحو تحييد الفئات الفقيرة والشريطة الوسطى.
كما تعد أهم الخطوات هي خطوة التحوّل الرقمي والشراكة، إذ تأتي الرقمنة في صلب خطة اللجنة، باستخدام الفوترة الإلكترونية والربط بين الجهات الحكومية، وهو ما يساعد في تقليص الفساد وتعزيز التزام المكلفين الضريبيين.، كما تم الاتفاق على إشراك خبراء من المؤسسات المالية الدولية والإقليمية والبنك الدولي، لإضفاء خبرة ومقارنة مع نظم مشابهة عالميًا.
لماذا يُعدّ تعديل الضرائب حاسماً؟
تتعدد الأسباب، ومنها أنه يجمع العدالة والتوزيع المناسب للعبء، فالنظام الضريبي التصاعدي يراعي القدرة الشرائية، ويمنح ضمانا للمساواة، مما يزيد شرعية الدولة ويحدّ من الاقتصاد غير الرسمي
كما أنه يعني الحد من هروب رؤوس الأموال، إذ أن النظام الحالي كان عاملًا لطرد المستثمرين، فتراجع النشاط الإنتاجي وتشبّع الاقتصاد بالجهات غير الرسمية، مما سيعاد تصحيح المسار عبر شراكة واضحة وحوافز مشجعة.
ويعد نظام ضريبي داعم للنمو، عبر تخفيض الرسوم الضريبية على المواد الخام والآلات، يُمكن إعادة إحياء الصناعة وتشجيع الصادرات، مما يسهم في تنويع الاقتصاد بعيدًا عن “اقتصاد الريع”.
نحو نظام متوازن
تأسيس لجنة الإصلاح الضريبي واستئناف عملها المكثف تعكس رغبة الدولة بعبور أزمة الثقة والعدالة، فإذا نُفذت التعديلات كما هو مخطط، ورفعت الكفاءة بالشراكة والرقمنة، فقد تتحوّل هذه الإصلاحات إلى حجر أساس في إعادة بناء “العقد الاجتماعي” بين المواطنين والدولة، حينها، سيصبح النظام الضريبي أداة ليس فقط لتحقيق الإيرادات، بل لتحفيز النمو والاستثمار، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوفير بيئة مستقرة بعودتها الثقة والإنتاج للنظام الاقتصادي السوري.
عبير محمود – أخبار الشام sham-news.info