في وقت يشهد فيه قطاع التعليم في سوريا تحديات متزايدة، أطلقت وزارة التربية والتعليم عبر مديرية التربية في اللاذقية برامج تدريبية تهدف إلى تطوير مهارات المعلمين وتعزيز أساليب التواصل مع الطلاب. وتكتسب هذه المبادرة أهمية خاصة لأنها المرة الأولى التي يتم فيها تنظيم دورة من هذا النوع، إذ تركز على البعد الإنساني والتربوي في العلاقة بين الطالب والمعلم، بما يسهم في تحسين جودة العملية التعليمية بشكل شامل.
أهمية الدورات التدريبية
إن هذه البرامج تأتي في مرحلة حساسة يعاني فيها التعليم العام من تراجع ملحوظ في المستوى، ما دفع العديد من الطلاب إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية كبديل عن المدرسة. ومن هنا تنبع أهمية هذه الدورات التي تمنح المعلمين أدوات حديثة وأساليب جديدة تساعدهم على تطوير قدراتهم التدريسية وتوسيع مداركهم التربوية. فهي تساهم في رفع كفاءتهم التعليمية وتعزز ثقتهم بأنفسهم، كما تجعلهم أكثر قدرة على استيعاب احتياجات طلابهم وفهم مشكلاتهم، وهو ما ينعكس في النهاية على مستوى التحصيل العلمي داخل الصفوف.
علاقة جديدة بين الطالب والمعلم
لطالما ارتبطت صورة المعلم في أذهان بعض الطلاب بالرهبة والجمود، لكن الدورات التدريبية تسعى إلى تغيير هذه النظرة التقليدية عبر بناء جسر من التواصل الإيجابي بين الطرفين. فالمعلم يصبح أكثر قدرة على احتضان طلابه بأسلوب تربوي لائق، والطالب يشعر أن المدرسة ليست مكاناً للضغط النفسي أو للعقاب، بل بيتاً ثانياً يجد فيه الراحة والطمأنينة. هذا التحول من علاقة قائمة على الخوف إلى علاقة قائمة على الاحترام والحوار يمهّد لبناء بيئة تعليمية صحية تشجع على الإبداع والمبادرة.
دور الدورات المستمرة في النهوض بالعملية التعليمية
غير أن النجاح الحقيقي لهذه المبادرات لا يتحقق من خلال دورة واحدة، بل عبر استمرارية البرامج التدريبية وتوسيع نطاقها. فالتعليم بطبيعته عملية متغيرة تحتاج إلى مواكبة دائمة للتطورات التربوية. وفي ظل انتشار الدروس الخصوصية وتراجع الثقة بالمدارس الرسمية، تصبح هذه الدورات وسيلة لإعادة الاعتبار للتعليم العام وتعزيز مكانته كمؤسسة تربوية رائدة. ويبقى السؤال مطروحاً: هل تستطيع هذه الجهود أن تقلل اعتماد الطلاب على الدروس الخصوصية، وأن تكون بالفعل خطوة أولى نحو نهضة تربوية شاملة؟
يمكن القول إن إطلاق هذه البرامج في اللاذقية يمثل خطوة نوعية على طريق الإصلاح التربوي في سوريا. فالمعلم الذي يتقن مهارات التواصل ويتبنى أساليب تربوية حديثة، يصبح قادراً على بناء جيل واثق ومبدع. وإذا ما تم تكرار هذه المبادرات بشكل دوري وتوسيع نطاقها، فإن العملية التعليمية ستستعيد قوتها وتتحول المدارس من مجرد أماكن للتلقين إلى مؤسسات حقيقية للحياة والتنشئة.
عبير محمود – أخبار الشام sham-news.info