في ظل التطورات السياسية المتسارعة، تشهد الساحة الدولية تحولات ملحوظة تجاه الملف السوري، خاصة على مستوى السياسة الأمريكية والمواقف الأوروبية. وفي حوار خاص مع الدكتور إليان مسعد، رئيس وفد المعارضة في الداخل إلى مفاوضات جنيف، تم تحليل هذه التحولات بتفصيل عميق يكشف خلفياتها واستحقاقاتها.
يرى مسعد أن الجدل الدائر حول إلغاء قانون قيصر في الكونغرس الأمريكي يعكس في جوهره صراعاً مؤسسياً بين آليات صنع القرار في واشنطن. فدمج القانون ضمن ميزانية الدفاع الأمريكية لعام 2024 كان محاولة تكتيكية من المؤيدين لإلغائه لتجنب عملية التصويت الطويلة والمعقدة التي تستغرق عادةً أكثر من عام. إلا أن الخلافات الحزبية العميقة بين الجمهوريين والديمقراطيين حول أولويات الإنفاق العسكري أدت إلى إسقاط هذه المحاولة، مما أظهر أن الملف السوري لا يزال رهيناً للاعتبارات الداخلية الأمريكية.
على صعيد العقوبات، يكشف التحليل أن الإدارة الأمريكية قامت فعلياً برفع جزئي للعقوبات عن شخصيات سورية محددة، بما في ذلك الرئيس أحمد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، كما ألغت عقوبات كانت مفروضة منذ عام 1979. لكن قانون قيصر بقي كتلة واحدة يصعب تجزئته، إذ أن تصميمه القانوني يربط بين العقوبات الاقتصادية والسياسية والأمنية في بند واحد غير قابل للتقسيم.
في الجانب الأمني، يبرز تحول كبير في الرؤية الأمريكية وفقاً لمسعد، حيث وجه الرئيس ترامب بشكل شخصي وزارة الدفاع وهيئة الأركان المشتركة بوضع تصور لاتفاقية شراكة أمنية شاملة مع سوريا. هذه الاتفاقية المتوقعة عام 2026 ستشمل مجالات متعددة: تدريب القوات السورية، تحديث الأنظمة التسليحية، تبادل المعلومات الاستخبارية، ومكافحة الإرهاب. وقد خصصت ميزانية أولية لهذا الغرض تقدر بـ 500 مليون دولار ضمن ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية لعام 2026.
ختاماً، يؤكد مسعد أن نجاح هذه التحولات مرهون بقدرة الجانب السوري على تقديم تنازلات استراتيجية، أهمها الاعتراف بالمصالح الأمريكية في شمال شرق سوريا وحل إشكالية القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة هناك. ويبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن سوريا من تحويل هذه الفرصة التاريخية إلى واقع ملموس يخدم عملية إعادة الإعمار والاستقرار، أم أن تعقيدات المشهد الداخلي والتدخلات الإقليمية ستقوض أي تقدم؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مصير سوريا لعقود قادمة.