
في خضم التصعيد المستمر في الأراضي الأوكرانية، تطفو على السطح تساؤلات مصيرية حول انعكاسات هذا الصراع على الموازين الإقليمية في سوريا والدور الروسي فيها. وفي حوار خاص لشبكة شام نيوز إنفو على هواء إذاعة فيرجن إف إم مع الأستاذ محمود مرعي، عضو الهيئة الرئاسية للتحالف الوطني الديمقراطي السوري، تم تحليل هذه الانعكاسات واستراتيجيات القوى الدولية في إدارة الملفين.
يرى مرعي أن الأزمة الأوكرانية تشكل عبئاً استراتيجياً على روسيا، لكنها لم تنجح في تحييد دورها في سوريا بشكل كامل. ويشير إلى أن التفاهمات غير المعلنة بين واشنطن وموسكو في لقاء ألاسكا مكنت روسيا من الحفاظ على مكاسبها في أوكرانيا، حيث وافقت الولايات المتحدة ضمناً على بقاء المناطق الناطقة بالروسية تحت السيطرة الروسية. ويكشف أن هذا التفاهم يأتي في إطار استراتيجية أمريكية تهدف إلى إبقاء الأزمة الأوكرانية مشتعلة كأداة للضغط على أوروبا وإضعافها اقتصادياً، بينما تحافظ على قنوات اتصال مع روسيا لحماية مصالحها في سوريا.
على الصعيد السوري، يحلل مرعي أن الوجود الروسي يحظى بقبول إسرائيلي واضح، في مقابل الرفض القاطع لأي توسع تركي. ويوضح أن موسكو تحتفظ بنحو ثماني قواعد عسكرية منتشرة من الساحل السوري إلى القامشلي، مما يمكنها من الحفاظ على نفوذها رغم الانشغال الأوكراني. ويكشف أن التفاهمات الروسية الإسرائيلية التاريخية تسمح لموسكو بالبقاء كشريك مقبول، بينما تواجه أنقرة رفضاً إسرائيلياً قوياً بلغ حد القصف المباشر للمواقع التركية في سوريا.
ختاماً، يؤكد مرعي أن سوريا تبقى المنفذ الاستراتيجي الوحيد لروسيا على البحر المتوسط، مما يجعلها غير مستعدة للتخلي عن هذا المكاسب الحيوية. ويبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن موسكو من الحفاظ على توازنها بين جبهة أوكرانيا الملتهبة ونفوذها الحيوي في سوريا، أم أن استمرار الصراع سيفتح الباب أمام قوى إقليمية أخرى لملء الفراغ؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مصير التحالفات الإقليمية في المرحلة المقبلة.

