
في الذكرى الثالثة لتحرير الدونباس وزاباروجيا…. الرئيس بوتين يعلن أن روسيا تنتصر في معركتها العادلة.. والقوات الجوفضائية الروسية تقترب من حسم المعركة وترد على التصعيد الأوروبي بضربات قاصمة وحاسمة.
اختار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذكرى الثالثة لتحرير الدونباس وزاباروجيا، وهو يوم روسي تاريخي بامتياز، ليس لأن روسيا استعادت أكثر من مئة ألف كيلومتر مربع في الجغرافيا، وإنما لأن هذه المساحة بالإضافة إلى جزيرة القرم تشكل سياجا ودرعا واقيا لروسيا أمام حلف الناتو الذي كان يعمل إلى ضم أوكرانيا من أجل أن يهدد الأمن القومي لروسيا، الأمر الذي أدى إلى اندلاع الحرب قبل أكثر من ثلاث سنوات ونصف في 24 شباط عام 2022.
الرئيس بوتين اختار هذا اليوم في خضم تصعيد غربي ضد بلاده ليؤكد المؤكد وليوجه للغرب رسالة واضحة لا لبس فيها، وهي أن روسيا لن تقبل الهزيمة في هذه الحرب، وأنها مع الحوار والسلام ولكنها في الوقت نفسه واعية للتاريخ، وأنها ماضية حتى تحقيق كامل الأهداف التي خاضت الحرب من أجلها. وفي هذا الإطار، أكد الرئيس بوتين أن بلاده تنتصر وأنها تخوض معركة عادلة في مواجهة أوكرانيا والناتو، وأنها مستعدة للحوار وفي نفس الوقت مستعدة للقتال حتى تتحقق كامل أهدافها في أوكرانيا. فيما وقع الرئيس بوتين مرسوما يقضي بتجنيد 135 ألف جندي روسي مدربين من أجل مواجهة التهديدات الغربية المتصاعدة، ويضاف هذا العدد إلى 160 ألف آخرين تم استدعاؤهم بداية هذا العام، ليصبح تعداد القوات الروسية أكثر من مليون ونصف المليون، وبذلك يصبح الجيش الروسي من أضخم وأكبر الجيوش في العالم عددا وعدة، وهو يمتلك أسلحة لا قبل للناتو بمواجهتها، فالأسلحة الروسية البرية والجوية أثبتت تفوقها على مثيلاتها، حتى أصبحت القوات الجوفضائية الروسية مضرب المثل بين جيوش العالم…
وبالتزامن مع الذكرى الثالثة لضم الأقاليم الأربعة، شنت القوات الجوفضائية الروسية عملية ضخمة ضد القوات الأوكرانية على مختلف جبهات القتال، وقصفت مستودعات ومواقع عسكرية في كييف في ليلة واحدة بأكثر من 580 مسيرة و40 صاروخا، ما أثار حالة من الذعر والخوف ليس في أوكرانيا وبولندا المجاورة والمنخرطة بشكل كامل في الحرب ضد روسيا، وإنما في كامل أوروبا التي لا تزال تقوم بتزويد أوكرانيا بالمال والمرتزقة والأسلحة، وترفض وقف الحرب، وقد لعبت دورا خطيرا في تقويض جهود الرئيس الأمريكي لوقف القتال في أوكرانيا، ولا تزال أوروبا تزيد التوتر والتصعيد ضد روسيا بحجة أن روسيا تقوم بإطلاق مسيرات فوق عدد من الدول الأوروبية كبولندا والدانمارك وألمانيا وغيرها، وهذا ما نفته موسكو….
ولم يتوقف الأمر عند التهديدات والتحذيرات المتبادلة بين أوروبا وروسيا من التصعيد، وإنما قام الناتو بإجراء مناورات عسكرية ضخمة في بحر الشمال، وذلك بعد أسابيع قليلة من المناورات الروسية البيلاروسية والتي اعتبرتها بولندا، التي تشكل رأس حربة الناتو ضد روسيا، تهديدا مباشرا رغم أنها مناورات دورية تجري بشكل سنوي بين البلدين…
وفي هذه الأجواء السلبية والتصعيدية بين الناتو وروسيا، جاء تصريح الرئيس ترامب من أن أوكرانيا تستطيع الفوز على روسيا ليزيد الطين بلة، فيما أخذت روسيا إعلان واشنطن عزمها تزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك التي يبلغ مداها 2500 كم على محمل الجد، وكانت إسرائيل قد زودت نظام كييف بصواريخ باتريوت، وذلك بعد إعلان عدد من الدول الأوروبية بأنها ستقوم بشراء هذه الصواريخ من أمريكا بقصد إرسالها إلى أوكرانيا، وقد أكدت روسيا أن هذه الأسلحة الغربية أهداف مشروعة لقواتها…
في الذكرى الثالثة لتحرير الأقاليم الروسية الأربعة، يرتفع صوت المدافع، وتصدر من هنا وهناك تحذيرات من خطر اتساع الحرب بسبب حالة الرعب والهستيريا التي أصابت عدد من الدول الأوروبية، خاصة بعد انسحاب الولايات المتحدة من ساحة المعركة وإعلان الرئيس ترامب خطة السلام في أوكرانيا، ورفضه تزويد أوكرانيا بالأسلحة الأمريكية، وهذه المواقف نزلت كالصاعقة على الاتحاد الأوروبي الذي اتسعت لديه الفوبيا اتجاه روسيا، وراحت ألمانيا تعلن أن أوروبا ليست في حالة سلام، فيما دعا الرئيس الأوكراني زيلينسكي إلى إقامة نظام صاروخي أوروبي موحد لحماية أوروبا، وراح يتبجح بأن لدى بلاده خبرة في مواجهة الصواريخ والمسيرات الروسية، وزعم أيضا أن قواته استعادت أكثر من 100 كم مربع من الأراضي، ولكنه أقر بأن قواته تواجه وضعا صعبا على جبهات خاركوف ودونيتسك…
ويبدو أن التحولات والألاعيب الأمريكية تلقي بظلالها السوداوية على مجريات الحرب، فإعلان الرئيس ترامب من أن أوكرانيا تستطيع الفوز على روسيا، وبأن واشنطن تفكر بتزويد أوكرانيا بصواريخ توماهوك… إذا أضفنا هذين الإعلانين إلى ما تواجهه إدارة ترامب في الداخل، حيث أغلقت الإدارات الفيدرالية بسبب الخلاف العميق بين الحزبين الجمهوري الحاكم والديمقراطي. وليس هذا فحسب، بل إن إدارة ترامب والبنتاغون قررا طرح استراتيجية عسكرية جديدة، وذلك بعد أسبوع من اقتراح تغيير اسم وزارة الدفاع الأمريكية إلى وزارة الحرب، وتم استدعاء مئات القادة العسكريين إلى اجتماع عاجل في فرجينيا بالقرب من واشنطن، والاجتماع برئاسة ترامب حيث قدم وزير الدفاع بيت هيغز عقيدة أمريكية جديدة أثارت الكثير من الجدال والانتقادات بكونها جاءت في خضم التصعيد بين روسيا والاتحاد الأوروبي، وهي خطة قوامها تقليص أعداء أمريكا واعتبار الصين وحدها هي التحدي الأكبر أمام الولايات المتحدة وتقليص عدد الرتب العسكرية العالية، وهذه المواقف الأمريكية مع سعي الرئيس ترامب للفوز بجائزة نوبل للسلام لهذا العام ألقت بظلالها على سير الحرب في أوكرانيا.. فأوروبا تريد أن تخوض هذه الحرب بنفسها ضد روسيا، فيما لا يجد الرئيس ترامب السبيل أو الطريق لتنفيذ وعده لوقف الحرب بسبب الموقف الأوروبي المتطرف والمعادي لروسيا. ولهذا فإنه في الوقت الذي أعلنت فيه روسيا وأوكرانيا عزمهما على إحلال السلام، وأعلن الرئيسان بوتين وزيلينسكي أنهما مستعدان للاجتماع معا للتوصل إلى حل سلمي، راحت أوروبا تدفع باتجاه التصعيد، ليبقى الرهان على الميدان مع تصاعد حرب التصريحات بين أوروبا وروسيا، حيث تؤكد روسيا عزمها على تحقيق النصر، وأنها سترد بقوة على أي اعتداء من دول الاتحاد الأوروبي على أراضيها وفق عقيدتها العسكرية، وأنها تعد إرسال صواريخ توماهوك إلى أوكرانيا وأسلحة أوروبية متطورة بمثابة عدوان غربي عليها وتدخل مباشر يهدد أمنها القومي وعقيدتها العسكرية….
ومع أن الحرب والسلام في أوكرانيا أصبحا يتعلقان بأوروبا كلها وبالعالم وليس فقط بساحات القتال في أوكرانيا، إلا أن المفارقة العجيبة أن أوروبا لا تزال تصر على مواصلة الحرب ضد روسيا بكل الوسائل العسكرية والاقتصادية والأمنية والإعلامية، وهي بذلك تساهم في خسارة أوكرانيا التي يدفعها الاتحاد الأوروبي لتستمر في القتال حتى آخر جندي أوكراني وذلك لإرضاء الغطرسة والعنجهية الأوروبية، حيث تحولت بروكسل منذ بدء الحرب في أوكرانيا إلى قاعة اجتماعات أوروبية ضد روسيا، ولم تعد أوروبا تفكر في أي أمر دولي أو تنموي سوى بطريقة هزيمة روسيا، وهي تدرك أن هذا مع كل الدعم الأمريكي والأوروبي خلال ثلاث سنوات كان من المستحيلات، فكيف هو الآن في ظل الانقسام بين طرفي الأطلسي حول تسليح كييف، عدا عن أن روسيا تملك الحق والقوة والإرادة والدافع لتحقيق النصر، فيما تفتقر أوكرانيا ونظام زيلينسكي إلى كل هذه العوامل، ويعمل زيلينسكي لتوريط أوروبا بحرب عالمية ثالثة مع روسيا، ومع الوقت يفقد جميع أوراقه ويكاد يصبح عاريا، وقد شكلت الضربات الروسية الأخيرة رسالة واضحة له وفضحت قصر يده، وكشفت قلة حيلته، بينما بقيت للقوات الجوفضائية الروسية اليد العليا في هذه الحرب، بما تمتلكه هذه القوات من إرث تاريخي ومن انتصارات رسخت مع الوقت مقولة أن لروسيا صديق واحد هو الأسطول والقوات الجوفضائية الروسية..
ومع أن روسيا أعطت الوقت الكافي للرئيس ترامب ليوقف الحرب ولكنه لم يحقق ذلك، وبدأ يتراجع تحت الضغط الداخلي والأوروبي رغم التوصل إلى تفاهمات خلال قمة ألاسكا بين بوتين وترامب، ولكن رهان روسيا كان دائما على جنودها في ساحات القتال، وعلى اقتصادها المتنامي، وإبداعات أبنائها في ساحات العمل والانتاج، وهذا الرهان هو الذي يخيف أوروبا ويجعلها لا تعرف طعم النوم، تقف على قدم واحدة منذ الرابع والعشرين من شباط عام 2022…

