في سياق ديناميكي متسارع، تأتي زيارة رئيس الأركان اللواء علي النعسان ووفد عسكري روسي رفيع المستوى إلى دمشق، لتشكل محطة جديدة في مسار العلاقات السورية-الروسية وإعادة تعريف التحالفات الإقليمية. وفي حوار لشبكة شام نيوز إنفو على أثير إذاعة فيرجن إف إم مع الأستاذ براء عثمان، عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحفيين السوريين، تم تحليل أبعاد هذه الزيارة واستحقاقاتها في المشهد الإقليمي والدولي.
يرى عثمان أن هذه الزيارة تأتي في إطار استراتيجية سورية واضحة لبناء علاقات متوازنة مع جميع الأطراف دون استثناء، حيث تسعى دمشق إلى تعزيز موقعها كفاعل إقليمي مستقل. ويكشف أن الجانب الروسي يحمل رسائل متعددة، منها طمأنة حلفائه التقليديين بعدم التخلي عنهم، وإرسال إشارات إلى الغرب بأن موسكو ما زالت قادرة على لعب دور في المنطقة، خاصة في ظل التصعيد الأوكراني وتزويد كييف بصواريخ “توماهوك” ذات القدرات المتقدمة.
في الجانب العسكري، يحلل عثمان أن الزيارة تتركز على ملفات حيوية، أبرزها تحديث أنظمة الدفاع الجوي السوري التي تعاني من استنزاف كبير بعد سنوات من المواجهات. ويشير إلى أن الجيش السوري يعتمد في معظم تسليحه على التقنيات الروسية، مما يجعله بحاجة ماسة لصيانة وتطوير هذه المنظومات، خاصة في مواجهة التحديات الأمنية المستمرة.
على الصعيد الاستراتيجي الأوسع، يؤكد عثمان أن سوريا ترفض أن تكون طرفاً في أي صراع دولي، وتعمل على بناء شراكات تخدم مصلحتها الوطنية بعيداً عن الانحياز لأي معسكر. ويكشف أن دمشق تتفاوض مع موسكو على ملفات شائكة تتعلق بالأموال المجمدة التي استولى عليها النظام السابق، ومطالبتها بتسليم عناصر ذلك النظام للمحاسبة.
ختاماً، يشدد عثمان على أن سوريا الجديدة تسعى لخلق حالة توازن إقليمي تنعكس إيجاباً على استقرار المنطقة بأكملها، معتبراً أن العالم “يبقى بخير طالما بقي التوازن في الشرق الأوسط”. ويبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن سوريا من الحفاظ على هذا التوازن الدقيق في علاقاتها الدولية أم أن الضغوط الإقليمية والدولية ستفرض عليها الانحياز لأحد المعسكرات؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد ملامح السياسة السورية في المرحلة المقبلة.