في سياق التحولات الإقليمية المتسارعة، تبرز مفاوضات دمشق مع قوات سوريا الديمقراطية كمنعطف حاسم في مسار إعادة بناء الدولة السورية وتحديد ملامح تحالفاتها الإقليمية. وفي حوار خاص عبر أثير إذاعة فيرجن أف أم مع شبكة شام نيوز إنفو، قدم الإعلامي المخضرم الأستاذ عماد نداف قراءة معمقة لهذه المفاوضات واستحقاقاتها.
يكشف نداف أن الحكومة السورية تعمل ضمن استراتيجية واضحة ترفض نظام اللامركزية الإدارية وتصر على الدمج الكامل للقوات ضمن مؤسسات الجيش العربي السوري ووزارة الداخلية. ويوضح أن هذه المفاوضات تتم تحت ضغوط دولية وإقليمية مكثفة، حيث تسعى واشنطن إلى لعب دور الوسيط من خلال مبعوثيها الذين شاركوا في لقاءات منفصلة مع المسؤولين السوريين وقادة قوات سوريا الديمقراطية.
يحلل نداف التداعيات الإقليمية للمفاوضات مشيراً إلى أن التطورات الأخيرة على الساحتين الفلسطينية والأوكرانية، والتحضيرات الجارية لحل الملف النووي الإيراني، تشكل جميعها سياقاً دولياً دافعاً نحو تسوية الملف السوري. ويسجل أن اجتماعات شرم الشيخ الأخيرة ومفاوضات غزة وضعت إطاراً جديداً للتعامل مع الملفات العالقة في المنطقة.
في الجانب العسكري والأمني، يؤكد نداف أن عملية الدمج الحقيقية تعني الانصهار الكامل للقوات ضمن المؤسسة العسكرية دون الإبقاء على أي كيانات مستقلة. وينبه إلى أن وجود قوات سوريا الديمقراطية ككتلة متماسكة داخل الجيش يشكل خطراً على الوحدة الوطنية وقد يمهد الطريق للتقسيم. كما يشير إلى إشكالية تواجد العناصر النسائية في القوات، مقترحاً حلاً يتمثل في إدماجها في قطاعات الشرطة والأجهزة الأمنية غير القتالية.
على الصعيد الدستوري، يكشف نداف عن وجود توجهات لإعادة النظر في الإعلان الدستوري الحالي تمهيداً لصياغة وثيقة دستورية جديدة تتولى وضعها لجنة برلمانية منتخبة. ويؤكد أن دستور المستقبل سيتضمن حلولاً لجميع القضايا العالقة بما فيها مسألة توزيع الصلاحيات بين المركز والمناطق، مع الحفاظ على وحدة الدولة وسيادتها.
ختاماً، يخلص نداف إلى أن المنطقة تتجه نحو تسوية شاملة لجميع بؤر التوتر، وأن الملف السوري سيشهد تحولات كبرى في المرحلة المقبلة. ويبقى التحدي الأكبر في قدرة الأطراف السورية على التوصل إلى صيغة توافقية تحقق المصالح الوطنية مع مراعاة التوازنات الإقليمية والدولية، في وقت تتربص فيه قوى إقليمية عديدة بالعملية السورية وتسعى لتحقيق مصالحها على حساب الاستقرار السوري.