في سياق التحولات الإقليمية والدولية المتسارعة، تأتي زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى موسكو برفقة وزراء الخارجية والدفاع ومدير المخابرات، لتمثل منعطفاً حاسماً في مسار العلاقات السورية-الروسية وإعادة تعريف التحالفات الإقليمية. وفي حوار خاص عبر إذاعة فيرجن إف إم مع شبكة شام نيوز إنفو، قدم الإعلامي عماد نداف قراءة معمقة لأبعاد هذه الزيارة واستحقاقاتها على المستويين الوطني والدولي.
يكشف نداف عن الأبعاد التاريخية للعلاقات السورية-الروسية، مشيراً إلى أن سورية كانت قد سددت ديوناً مستحقة لألمانيا الشرقية قبل اندماجها بقيمة 260 مليون دولار، كما تفاوضت مع روسيا حول الديون وتم الاتفاق على تقسيطها بعد تنازل الجانب الروسي عن 70% منها. ويسجل أن المرحلة الحالية تشهد قلباً للآية، حيث تريد روسيا متابعة العقود التي وقعها النظام السابق، خاصة بعد تدخلها العسكري عام 2015 الذي أنقذ نظام الأسد من السقوط.
يحلل نداف الملفات المطروحة على طاولة المفاوضات في موسكو، والتي تشمل المطالبة بتسليم المطلوبين الذين غادروا عبر مطار حميميم ليلة سقوط النظام في الثامن من كانون الأول 2024، بمن فيهم رئيس النظام السابق والضباط المتورطون ورؤساء الفروع الأمنية. كما تبحث الزيارة موضوع تسليح الجيش السوري وتحديث بنيته العسكرية التي تعتمد بالكامل على التقنيات الروسية.
على الصعيد الإقليمي، يكشف نداف عن تحولات مشروع الشرق الأوسط الجديد، مشيراً إلى أن المشروع الحالي يعتمد على المصالح والاستقرار بدلاً من الفوضى الخلاقة والتقسيم. ويسجل أن مؤتمر شرم الشيخ للسلام شكل لحظة تاريخية جديدة، حيث انضمت إليه العديد من الدول العربية والإسلامية تحت ما يعرف بالمشروع الإبراهيمي.
يشدد نداف على أن سورية تحت قيادة الرئيس الشرع تحدد هويتها كدولة فاعلة عربياً وغير مستقطبة إقليمياً، مع العمل على حل الملفات العالقة بما فيها قضية الجولان مع إسرائيل. ويلفت إلى أن التوقيت يأتي في ظل تحضيرات بوتين لحل الملف الأوكراني ورغبة ترامب في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
ختاماً، يؤكد نداف أن العالم يشهد لحظة تاريخية فارقة تتطلب من سورية انتهاج دبلوماسية متوازنة تحافظ على المصالح الوطنية مع الاستفادة من التحولات الدولية الجارية. ويبقى التحدي الأكبر في قدرة القيادة السورية على تحقيق التوازن بين متطلبات الشركاء الدوليين والحفاظ على السيادة الوطنية واستقلالية القرار.