
في سياق أعمال قمة المناخ التي انطلقت اول أمس في البرازيل، برز التغير المناخي كقضية ملحّة تتطلب تبنّي حلول مبتكرة، لضمان الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية، مثل الزراعة الذكية، ومع تصاعد آثار الجفاف ونقص المياه في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تبرز أهمية مناقشة هذه الحلول للحد من الاحتباس الحراري، ومكافحة الجفاف، وتعزيز التمويل المناخي لدعم الدول النامية، حيث تميزت القمة بمشاركة واسعة من قادة الدول وممثلي المنظمات الدولية.
و في إطار الجهود الدولية لمواجهة آثار التغير المناخي المتسارعة، يبحث المشاركون في القمة، التي تستمر حتى الـ 21 من الشهر الجاري، عن تطبيق خطط عمل وطنية جديدة للتكيف مع التغيرات المناخية، وحماية الغابات، والحفاظ على التنوع البيولوجي.
يرى العديد من الخبراء بأن التحول إلى الزراعة الذكية ، أصبح ضرورة لضمان الأمن الغذائي، عبر استخدام التكنولوجيا لإنتاج محاصيل أكثر باستخدام موارد أقل، والتكيف مع التغيرات المناخية، وخاصة بعد ظهور أبرز ملامح التغير المناخي في السنوات الأخيرة كارتفاع درجات الحرارة، وتناقص الهطولات المطرية، إضافة إلى الجفاف في بعض مناطق العالم، والفيضانات في مناطق أخرى، ما انعكس على الاقتصاد بصفة عامة، وخاصة على قطاع الزراعة.
بلغ حجم الخسائر في الإنتاج الزراعي، بسبب الكوارث بما في ذلك الجفاف، منذ 30 سنة، نحو 3.8 تريليون دولار، أي نحو 5 بالمئة من الناتج الزراعي العالمي السنوي، وفقاً لتقديرات منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” بينما عانى العام الماضي 673 مليون شخص من نقص التغذية المزمن حول العالم.
أدخلت “الفاو” منصة “WaPOR” كأداة رقابة باستخدام الأقمار الصناعية لرصد إنتاجية المياه الزراعية ولمساعدة البلدان التي تعاني من ندرة المياه على تحسين الإنتاج الزراعي بكفاءة.
تشير الدراسات العلمية الحديثة إلى أن احتمال وقوع الجفاف في المنطقة، كان يحدث قبل ظاهرة التغير المناخي مرة كل 250 سنة، ويزداد الآن ليصبح مرة كل 10 سنوات عند ازدياد الحرارة بمقدار 1.2 درجة مئوية، وقد يصبح احتمال حدوثه مرة كل 5 سنوات عند وصول ازدياد الحرارة إلى درجتين مئويتين،
وخاصة بعد تأثر منطقة الشرق الأوسط بالتغير المناخي العالمي خلال السنوات الماضية، بزيادة حرائق الغابات، وتغيرات في معدلات هطول الأمطار.
في الزراعة الذكية يكون العائد من المتر المكعب من المياه في أعلى من غيره، فعلى سبيل المثال، يتم توفير أكثر من 70 بالمئة من المياه، في الزراعة المائية، وهي تقنية لزراعة النباتات بدون تربة، كما أنها تسهم في تعزيز تنافسية المنتجات المحلية، لإنتاج محاصيل ذات جودة عالية، وخالية من بقايا المبيدات، وذات قبول عند المستهلكين.
استخدام التقنيات في الزراعة غالباً ما يمنح الفرصة لاتخاذ إجراءات استباقية بدلاً من التصرف بعد وقوع الضرر، حيث يمكن التنبؤ المبكر بالأزمات، كانخفاض نسبة المياه أو تأخر الأمطار، ما يرفع مناعة المجتمعات الزراعية تجاه صدمات مثل الجفاف وبالتالي إنتاج غذاء أكثر بنفس الموارد أو أقل منها.
الزراعة الذكية ليست رفاهية تقنية، بل ضرورة استراتيجية، تمثل تحولاً جذرياً في أسلوب الزراعة التقليدية،وركيزة أساسية في بناء مستقبل غذائي أكثر أماناً واستقراراً، من خلال استخدام كل قطرة ماء، وكل شبر أرض بكفاءة، ما يمكن في النهاية من تحقيق إنتاج غذائي مستدام وآمن، حتى في بيئات تزداد فيها ندرة الموارد، وسط موجات الجفاف والتغير المناخي على الأمن الغذائي.
رولا أحمد _أخبار الشام
Sham-news.info

