موسكو والقاهرة: من السد العالي ١٩٦٥ حتى بدء مشروع الضبعة النووية ٢٠٢٥ – مسيرة نجاح وتعاون
الرئيسان السيسي وبوتين يكتبان التاريخ معاً ويشاركان في مراسم تشغيل محطة الضبعة النووية… روسيا تحقق لمصر حلمها النووي السلمي، ومشروع الضبعة النووية ثمرة من ثمار التعاون المصري الروسي.
طالما كان حلم مصر أن تحصل على الطاقة النووية السلمية، ولعل السد العالي الذي كان إحدى ثمار التعاون بين مصر والاتحاد السوفييتي خلال فترة حكم الرئيس جمال عبد الناصر في ستينات القرن الماضي، شجع الرئيس عبد الفتاح السيسي على اتخاذ قراره الاستراتيجي بإحياء البرنامج النووي السلمي بمساعدة روسيا، لإطلاق مشروع الضبعة النووية بمشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي أعاد لروسيا الاتحادية دورها ومكانتها على الساحة الدولية، وفتح أبواب إفريقيا السياسية من خلال تقديم توطين المعرفة والخبرات والمساعدات لخدمة الإنسانية. وكان الرئيس بوتين حريصاً على إعطاء العلاقات الروسية المصرية اهتماماً خاصاً رغم التغيرات التي شهدتها سورية. ومن المعروف عن الرئيس بوتين أنه يرفض إغلاق أي باب من أبواب التعاون مع مصر رغم الحساسية والضيق اللذين تعيشهما إسرائيل اتجاه أي تقدم تشهده أو تحققه مصر..
ولا شك أن مشروع الضبعة النووية الذي يحقق الحلم النووي السلمي لمصر يعد إنجازاً جديداً من إنجازات التعاون بين مصر وروسيا الاتحادية، ويعزز مكانة مصر في مجال الطاقة النظيفة، كما أنه يرسخ الحضور السياسي والاقتصادي لروسيا على الساحة الإفريقية وساحة الشرق الأوسط.
وتعيد مشهدية الرئيسان عبد الفتاح السيسي وفلاديمير بوتين وهما يشاركان عبر الفيديو كونفرانس عملية نقل وتركيب وعاء ضغط المفاعل للوحدة النووية الأولى بمحطة الضبعة إلى الذاكرة تاريخ التعاون الاقتصادي بين القاهرة وموسكو عندما شيدت مصر السد العالي على نهر النيل بمساعدة الاتحاد السوفييتي الذي ورثته روسيا الاتحادية.
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رغم انشغاله بالحرب المستعرة في أوكرانيا، فقد شهد مع حشد كبير من المسؤولين المصريين والخبراء الروس عملية تركيب المفاعل، وأعلن في كلمة له أن محطة الضبعة للطاقة النووية في مصر ستتمكن من البدء بتوليد الكهرباء في المستقبل المنظور.
وأشار الرئيس بوتين إلى أن علاقات روسيا ومصر مبنية على روح المساواة والاحترام المتبادل ومراعاة مصالح كل طرف، وعبر عن امتنانه للرئيس السيسي لاهتمامه بتوسيع الاتصالات مع موسكو، مشيراً إلى أن الرئيس السيسي هو من بادر بمشروع الضبعة النووية، مؤكداً على أن روسيا تقدم الدعم اللازم لمصر في جميع مراحل تنفيذ المشروع النووي..
وأكد الرئيس السيسي، أنه فى ظل ما يشهده العالم من أزمات متلاحقة فى قطاع الطاقة، وارتفاع أسعار الوقود الأحفورى، تتجلى بوضوح أهمية وحكمة القرار الإستراتيجى الذي اتخذته الدولة المصرية بإحياء البرنامج النووى السلمى، باعتباره خياراً وطنياً يضمن تأمين مصادر طاقة مستدامة وآمنة ونظيفة، دعماً لأهداف رؤية مصر 2030.
تشكل مصر بثقلها السياسي والحضاري في المنطقة فرصة بالنسبة لروسيا التي تقوم بدور مرتكز على الساحتين العربية والإفريقية، ويعزز بناء المحطة النووية مكانة مصر كمركز إقليمى للطاقة.
ويرى الرئيس السيسي أن مشروع محطة الضبعة النووية يمثل نقلة نوعية فى مسار توطين المعرفة، ويتيح إعداد جيل جديد من الكوادر المصرية فى تخصصات الطاقة النووية والتصنيع الثقيل، بل يضع مصر فى موقع ريادى على خريطة الاستخدام السلمى للطاقة النووية.. كما يساهم المشروع فى توفير آلاف فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، دعمًا لمسيرة التنمية والازدهار…..
مشاركة الأيدي المصرية لبناء محطة الضبعة بنسبة ٥٥٪ من العمل، ومشاركة الطلاب المصريين الذين درسوا في روسيا في بناء المحطة النووية، لهما دلالات سياسية وعلمية. فمصر التي ترتبط بعلاقات قوية مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة لا تزال تجد في روسيا الاتحادية السند والصديق لإنجاز المشاريع الكبرى التي يحتاجها المصريون لبناء بلدهم وتنميته، لتكون مصر مركزاً هاماً في إفريقيا لتوليد الطاقة، خاصة أنها تمتلك من الموارد البشرية والطبيعية ومن الثروات والموقع الجغرافي والتاريخ الحضاري ما يؤهلها للعب دور محوري في المنطقة التي تشهد تحولات كبرى سياسية واقتصادية، ويتنافس على مناطق النفوذ فيها الأقطاب الدولية كالولايات المتحدة وروسيا الاتحادية، والدول الإقليمية كالسعودية وإسرائيل وتركيا….
ولا شك أن مشروع الضبعة النووية يوسع آفاق التعاون بين روسيا ومصر، ويؤسس لعلاقات اقتصادية وسياسية قوية بين موسكو والقاهرة، حيث أن ما تشهده مصر من استقرار مع وجود إرادة سياسية تدفع للعب دور أكبر على الساحة العربية والإقليمية، خاصة وأن لدى مصر وروسيا تاريخ من العلاقات المتبادلة، وكان من أهم تجلياتها انضمام مصر إلى منظمة شنغهاي التي تضم الصين وروسيا والهند والبرازيل وإيران والإمارات والسعودية….
ويأتي بدء العمل في هذا التوقيت بمشروع محطة الضبعة النووية للأغراض السلمية، والقرار المصري الاستراتيجي بإحياء البرنامج النووي السلمي، كلحظة فارقة وقفزة نوعية في تاريخ العلاقات بين مصر وروسيا الاتحادية، عدا عن كون المحطة تعد إنجازاً اقتصادياً وحضارياً يضاف إلى النهضة التي تشهدها مصر، وفرصة جديدة تضمن تأمين مصادر طاقة مستدامة وآمنة ونظيفة، دعماً لأهداف رؤية مصر 2030. كما يعزز هذا القرار المصري الاستراتيجي بإحياء البرنامج النووي السلمي مكانة مصر كمركز إقليمى للطاقة، ويواكب جهود الدولة الرامية إلى تحقيق التنمية الشاملة.
